أقول : وفي هذه الدلالات كلّها على التقائها ، نلمح الفعل «آب» بمعنى رجع.
٤ ـ وقال تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً) (٣١).
الخطء : هو الإثم ، وقرئ الخطأ مثل الحذر ، وخطاء بالفتح والكسر مع المد ، والخطا بالفتح وحذف الهمزة.
أقول : والخطء : هو الاسم كالخطإ والخطاء.
٥ ـ وقال تعالى : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ) [الآية ٤٦].
في هذه الآية ، معنى المنع من الفقه ، فكأنّه قيل : ومنعناهم أن يفقهوه ، والتقدير كراهة أن يفقهوه. وقوله تعالى : (وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) ، فيه معنى المنع.
٦ ـ وقال تعالى : (فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ رُؤُسَهُمْ) [الآية ٥١] أي يحرّكون نحوك رؤوسهم تعجّبا واستهزاء.
ونغض الشيء ينغض نغضا ، ونغوضا ، ونغضانا ، وتنغّض ، وأنغض ، بمعنى تحرّك واضطرب. ونغضت أسناني ، أي : قلقت وتحرّكت. ونغض فلان رأسه يتعدّى ، ولا يتعدّى.
٧ ـ وقال تعالى : (وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) (٥٥).
وزبور والزّبور : الكتاب ، وهو بمعنى مفعول ، أي المزبور ، والجمع زبر ؛ وزبرت الكتاب كتبته.
٨ ـ وقال تعالى : (قالَ أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلاً) (٦٢).
والمعنى : أخبرني عن هذا الذي كرّمته عليّ ، أي فضّلته ، لم كرّمته عليّ ، وأنا خير منه؟
ثم قال تعالى : (لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ) ، أي لأستأصلنّهم بالإغواء. وهذا من قولهم : احتنك الجراد الأرض ، إذا جرّد ما عليها أكلا ، وهو من الحنك.
٩ ـ وقال تعالى : (وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ) [الآية ٦٤]
وقوله تعالى : (وَأَجْلِبْ) من الجلبة ، وهي الصياح.
والمراد ب «الخيل» الخيّالة ، أي الفرسان ، ومنه قول النبي (ص) : «يا خيل الله اركبي».