يوم كربلاء مع الحسين ما كنت تتمنى أن تصنع ، قال : أتمنى أن أكون مثل عابس بن شبيب الشاكري. قال عز الدين الجزري : هو عابس بن شبيب بن شاكر بن ربيعة بن مالك بن صعب. وبنو شاكر بطن من همدان.
في الحدائق : كان عابس من رجال الشيعة رئيساً شجاعاً خطيباً ناكساً متهجداً ، وكانت بنو شاكر من المخلصين بولاء أهل البيت. وفيهم قال أمير المؤمنين يوم صفين ـ على ما ذكره نصر بن مزاحم المنقري في كتابه ـ لو تمّت عدتهم ألفا لعبد الله حق عبادته ـ كانوا من شجعان العرب وحماتهم حتى لقبوا ب ( فتيان الصباح ) ويتجلى لك اخلاص هذا البطل وصراحته في المبدأ والعقيدة أن مسلم بن عقيل لما دخل الكوفة وأقبلت عليه الشيعة وهو يقرء كتاب الحسين وهم يبكون ثم جعلوا يبايعونه عندها قام عابس خطيباً فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فإني لا اخبرك عن الناس ولا أعلم ما في نفوسهم وما أغرك منهم ولكني والله اخبرك بما أنا موطن نفسي عليه ، والله لأجيبنكم إذا دعوتم ، ولاقاتلن معكم عدوكم ولأضربنّ بسيفي هذا دونكم حتى ألقى الله ولا اريد بذلك إلا ما عند الله ، ثم قام حبيب بن مظاهر وتكلم بنحو ذلك.
قال أرباب المقاتل : وتقدم عابس بن شبيب للقتال بين يدي الحسين وقال لمولاه شوذب (١) ما في نفسك أن تصنع اليوم ، قال اقاتل حتى أقتل ، قال ذلك الظن بك فتقدم بين يدي الحسين حتى يحتسبك كما احتسب غيرك ثم سلم على الحسين وقال : يا أبا عبد الله أما والله ما مشى على وجه الأرض قريب ولا
__________________
١ ـ يظن البعض أن شوذب مولى لعابس والحال أن مقامه أجل من عابس من حيث العلم والتقوى ، وكان شوذب صحابياً ـ كما يقو المامقاني في ( تنقيح المقال ) وحضر مع أمير المؤمنين في حروبه الثلاث وكان شجاعاً عابداً من اكابر الشيعة وحافظاً للحديث ، وأخذ أهل الكوفة العلم والحديث منه ، قال صاحب الحدائق الوردية : وكان شوذب يجلس للشيعة فيأتونه للحديث ، وكان وجهاً فيهم ، قال أبو مخنف : صحب شوذب عابساً مولاه في الكوفة إلى مكة بعد قدوم مسلم الكوفة وبعد بيعة الناس له.