بعيد أعزّ علي ولأ احبّ إلي منك ، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم أو القتل بشيء أعزّ عليّ من نفسي ودمي لفعلت ، السلام عليك يا أبا عبد الله أشهد أني على هداك وهدى أبيك.
ثم مضى بالسيف مصلتاً نحو القوم ـ وبه ضربة على جبينه من يوم صفين ـ فطلب البراز ، قال ربيع بن تميم لما رأيته مقبلاً عرفته ـ وكنت قد شاهدته في المغازي والحروب ـ فقلت أيها الناس هذا أسد الاسود ، هذا ابن شبيب لا يخرجنّ اليه أحد منكم فأخذ عابس ينادي : ألا رجل. فلم يتقدم اليه أحد ، فنادى عمر بن سعد : ويلكم ارضخوه بالحجارة من كل جانب ، فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره فنودي : أجننت يا عابس. قال حب الحسين أجنني :
يلقى الرماح
الشاجرات بنحره |
|
ويقيم هامته
مقام المغفر |
ما إن يريد إذا
الرماح شجرنه |
|
درعاً سوى سربال
طيب العنصر |
ثم شدّ على الناس فو الله لقد رأيته يطرد أكثر من مائتين من عسكر ابن سعد ، ثم أنهم تعطفوا عليه من كل جانب فقتلوه واحتزوا رأسه ، فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدة هذا يقول : أنا قتلته ، وهذا يقول أنا قتلته ، فأتوا عمر بن سعد ، فقال لا تختصموا هذا لم يقتله إنسان واحد ، كلكم قتلتموه. ففرق بينهم بهذا القول.
٥ ـ برير بن خضير الهمداني ، شجاعاً ناسكاً قارئاً للقرآن ومن شيوخ القراء من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ، وكان من أشراف الكوفة ، قال للحسين : يابن رسول الله لقد منّ الله بك علينا أن نقاتل بين يديك تقطع فيك أعضاؤنا ثم يكون جدك شفيعنا يوم القيامة. دخل الحسين خيمته ليطلّي ليلة العاشر من المحرم ، فوقف برير بن خضير وعبد الرحمن بن عبد ربه الانصاري على باب الفسطاط تختلف مناكبهما ، أيهما يطلّي على أثر الحسين تبركاً به ، فجعل برير يهازل عبد الرحمن ويضاحكه ، فقال عبد الرحمن : والله