وعامَّه
، وعِبَره وأمثالَه ، ومُرسَلَه وَمَحْدوده ، ومُحْكَمه ومتشابهه ، مفسِّـراً
مجمله ، ومبِّيناً غوامضه » (١). وهذه الوجوه ونظائرها
تثبت أنّ القرآن لا يستغني عن التفسير. سؤال وإجابة أمّا السؤال : فربما
يتصوّر أنّ حاجة القرآن إلى التفسير ينافي قوله سبحانه : (
وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ )
(٢). ونظيره قوله سبحانه
في موارد مختلفة : ( بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ )
(٣) فإنَّ تَوصيف القرآن باليسر وَكَونِه بِلسانٍ عَرَبي مُبين يهدفان إلى غناه عن أيّ إيضاح وتبيين
؟ وأمّا الإجابة : فإنّ وصفه باليسر ، أو بأنّه نزل بلغة عربية واضحة يهدفان إلى
أمر آخر ، وهو أنّ القرآن ليس ككلمات الكهنة المركّبة من الأسجاع والكلمات الغريبة ، ولا من قبيل الأحاجي والألغاز ، وإنّما هو كتاب سهل واضح ، من أراد فهمه ، فالطريق مفتوح أمامه ؛ وهذا نظير ما إذا أراد رجل وصف كتاب أُلّف في علم الرياضيات أو في الفيزياء أو الكيمياء فيقول : أُلّف الكتاب بلغة واضحة وتعابير سهلة ، فلا يهدف قوله هذا إلى استغناء الطالب عن المعلِّم ليوضح له المطالب ويفسر له القواعد. ولأجل ذلك قام
المسلمون بعد عهد الرسالة بتدوين ما أُثر عن النبي أو الصحابة والتابعين أو أئمة أهل البيت عليهمالسلام في مجال كشف المراد وتبيين الآيات ، ولم تكن الآيات المتقدّمة رادعة لهم عن القيام بهذا الجهد الكبير. ______________________ ١. نهج البلاغة :
الخطبة رقم ١. والظاهر أنّ قوله : مبيِّناً ، بيان لوصف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم
، والضمائر ترجع إلى القرآن الكريم لا إلى الله سبحانه. ٢. القمر : ١٧. ٣. الشعراء : ١٩٥.
وفي النحل : ١٠٣ ( وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ
مُّبِينٌ ).