دساتيره وأخباره ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ). (١)
فكما أنّه حقّ من حيث المادة والمعنى ، حقّ من حيث الصورة واللفظ أيضاً ، فلا يتطرّق إليه التحريف ، ونعم ما قاله الطبرسي : لا تناقض في ألفاظه ، ولا كذب في أخباره ، ولا يعارض ، ولا يزداد ، ولا ينقص. (٢)
ويؤيّده قوله قبل هذه الآيات : ( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ). (٣) ولعلّه إشارة إلى ما كان يدخله في نفسه من إمكان إبطال شريعته بعد مماته ، فأمره بالاستعاذة بالله السميع العليم.
والحاصل أنّ تخصيص مفاد الآية ( نفي الباطل ) بطروء التناقض في أحكامه وتكاذب أخباره لا وجه له ، فالقرآن مصون عن أيّ باطل يبطله ، أو فاسد يفسده ، بل هو غضّ طريّ لا يُبْلىٰ وَلا يُفنىٰ.
رُوي أنّه إذا نزل القرآن ، عجل النبي بقراءته ، حرصاً منه على ضبطه ، فوافاه الوحي ونهاه عنه ، وقال : ( لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ * فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ ). (٤) فعلى الله سبحانه الجمع والحفظ والبيان. كما ضمن في آية أُخرى عدم نسيانه صلىاللهعليهوآلهوسلم القرآن وقال : ( سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَىٰ * إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَىٰ ). (٥)
هذا بعض ما يمكن أن يستدلّ به ، على صيانة القرآن من التحريف
______________________
١. النساء : ٨٢. |
٢. مجمع البيان : ٩ / ١٥ ، ط صيدا. |
٣. فصّلت : ٣٦. |
٤. القيامة : ١٦ ـ ١٩. |
٥. الأعلى : ٦ ـ ٧.