لا يزاحم كونه واجباً.
قال الإمام الصادق عليهالسلام : كان المسلمون يرون انّ الصفا والمروة ممّا ابتدع أهل الجاهلية فأنزل الله هذه الآية وإنّما قال : ( فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ) وهو واجب أو طاعة على الخلاف فيه ، لأنّه كان على الصفا صنم يقال له : إساف وعلى المروة صنم يقال له نائلة وكان المشركون إذا طافوا بهما مسحوهما ، فتحرّج المسلمون عن الطواف بهما لأجل الصنمين ، فأنزل الله هذه الآية. (١)
وبالوقوف على ذلك يعلم أنّ قوله : « لا جناح » لا ينافي كون السعي فريضة ، لأنّ نفي الجناح نسبي متوجه إلى ما زعمه بعض المسلمين مانعاً من السعي ، فقال سبحانه لا يضر هذا وعليكم السعي بين الصفا والمروة وإحياء شعائر الله.
٣. قال سبحانه : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَن تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِن ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (٢).
فالإنسان في بدو الأمر يتعجّب من قوله سبحانه : ( وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَـٰكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَىٰ وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا ) ولكن بعد ما يقف على سبب النزول يزول تعجبه.
كان المحرِم عند بعض الطوائف لا يدخل بيته في بابه بل كان ينقب في ظهر بيته نقباً يدخل ويخرج منه فنزلت الآية بالنهي عن التديّن بذلك.
وفي الختام نضيف : انّه لا يمكن الاعتماد على كلّ ما ورد في الكتب باسم أسباب النزول ، بل لا بدّ من التحقيق حول سنده والكتاب الذي ورد فيه ، فإنّ
______________________
١ ـ مجمع البيان : ١ / ٢٤٠.
٢ ـ مجمع البيان : ١ / ٢٨٤.