بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
القول في تأويل قوله تعالى :
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (١)
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي أظهر كل موجود تنزيهه عن الشريك والولد ، وكل ما لا يليق به ، وآذن بانفراده في ألوهيته ، وتدبيره وعلمه وقدرته. فإن من شاهد هذا العالم بما فيه من المخلوقات كلها ، على حال من الترتيب والإحكام ، وربط الأسباب بالمسببات ، واستحالة بعض الموجودات إلى بعض ، لا تنقضي عجائبه ، ولا تنتهي غاياته ـ فبالضرورة يقضي بأن هذا الترتيب المحكم هو أثر خالق واحد ، مدبر لنظامه ، مريد لسيرة في سننه ، كما بسطناه في (دلائل التوحيد). (وَهُوَ الْعَزِيزُ) أي القويّ الذي يقهر كل ما في السموات والأرض (الْحَكِيمُ) أي الذي رتب نظام كل موجود على ترتيب حكمي.
القول في تأويل قوله تعالى :
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢)
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) أي سلطانهما ، ونفوذ الأمر فيهما (يُحْيِي وَيُمِيتُ) أي يوجد ما يشاء من الحيوان والنبات كيفما شاء ، ويميته بعد بلوغه أجله فيفنيه (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي تام القدرة ، فلا يتعذر عليه شيء أراده من إحياء وإماتة وغيرهما.
القول في تأويل قوله تعالى :
(هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٣)
(هُوَ الْأَوَّلُ) أي السابق على كل موجود ، من حيث إنه موجده ومحدثه (وَالْآخِرُ) أي الباقي بعد فناء كل شيء (وَالظَّاهِرُ) أي وجوده بالأدلة الدالة عليه.