وقال ابن جرير. أي الظاهر على كل شيء دونه ، وهو العالي فوق كل شيء ، فلا شيء أعلى منه (وَالْباطِنُ) أي باحتجابه بذاته وماهيته. أو العالم بباطن كل شيء. قال ابن جرير : أي الباطن جميع الأشياء فلا شيء أقرب إلى شيء منه ، كما قال (وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) [ق : ١٦] ، (وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) أي تام العلم ، فلا يخفى عليه شيء.
وقد روى الإمام أحمد (١) عن أبي هريرة ؛ أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يدعو عند النوم : اللهم! رب السموات السبع ، ورب العرش العظيم ، ربنا ورب كل شيء ، منزل التوراة والإنجيل والفرقان ، فالق الحب والنوى ، لا إله إلا أنت ، أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته. أنت الأول فليس قبلك شيء. وأنت الآخر فليس بعدك شيء. وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن ليس دونك شيء. اقض عنا الدين. وأغننا من الفقر ـ ورواه مسلم (٢) وغيره ـ
القول في تأويل قوله تعالى :
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) (٤)
(هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) قال القاشاني : أي من الأيام الإلهية ، وقيل المعهودة ـ والله أعلم ـ (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) قال ابن جرير : أي هو الذي أنشأ السموات السبع والأرضين ، فدبّرهن وما فيهن ، ثم استوى على عرشه فارتفع عليه وعلا. (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) أي من خلقه كالأموات والبذور والحيوانات (وَما يَخْرُجُ مِنْها) أي كالزروع (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) أي من الأمطار والثلوج والبرد والأقدار والأحكام (وَما يَعْرُجُ فِيها) أي من الملائكة والأعمال وغيرها. (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) قال ابن جرير : أي وهو شاهد لكم ، أينما كنتم ، يعلمكم ويعلم أعمالكم ومتقلبكم ومثواكم ، وهو على عرشه فوق سماواته السبع.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمهالله في (شرح حديث النزول) : لفظ المعية
__________________
(١) أخرجه في المسند ٢ / ٣٨١.
(٢) أخرجه في : الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ، حديث ٦١.