القول في تأويل قوله تعالى :
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٥) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) (٦)
(لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) أي أمور جميع خلقه ، فيقضي بينهم بحكمه. (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) أي يدخل ما نقص من ساعات أحدهما فيجعله زيادة في الآخر بحكمته وتقديره. (وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي بضمائر صدور عباده ، وما عزمت عليه نفوسهم من خير أو شر.
القول في تأويل قوله تعالى :
(آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) (٧)
(آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) أي آمنوا الإيمان اليقيني ليظهر أثره عليكم ، فيسهل عليكم الإنفاق من مال الله الذي موّلكم إياه ، وجعلكم مستخلفين فيه ، بتمكينكم وإقداركم على التصرّف فيه بحكم الشرع ، إذ الأموال كلها لله ، واختصاص نسبة التصرّف إنما هو بحكمه في شريعته ـ أفاده القاشاني ـ.
وقال الشهاب : الخلافة إمّا عمّن له التصرّف الحقيقي ، وهو الله تعالى ، وهو المناسب لقوله : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ، أو عمّن تصرّف فيها قبلهم ممن كانت في أيديهم فانتقلت لهم. وعلى كلّ ، ففيه حثّ على الإنفاق ، وتهوين له. أما على الأول فظاهر. لأنه أذن له في الإنفاق من ملك غيره ، ومثله يسهل إخراجه وتكثيره. وعلى الثاني أيضا ، لأن من علم أنه لم يبق لمن قبله ، علم أنه لا يدوم له أيضا ، فيسهل عليه الإخراج.
ومال المال والأهلون إلا ودائع |
|
ولا بدّ يوما أن ترد الودائع |
(فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ)
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) (٨)
(وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللهِ) أي وما يصدّكم عنه ، وقد ظهرت دواعيه ،