(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً وَلا يَسْرِقْنَ) قال ابن كثير : أي أموال الناس الأجانب ، فأما إذا كان الزوج معسرا في نفقتها ، فلها أن تأكل من ماله بالمعروف ، ما جرت به عادة أمثالها ، وإن كان من غير علمه ، عملا بحديث هند بنت عتبة أنها قالت : يا رسول الله! إن أبا سفيان رجل شحيح ، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بنيّ ، فهل عليّ جناح إن أخذت من ماله بغير علمه؟ فقال رسول الله : خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك ـ أخرجاه في الصحيحين (١) ـ (وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ) قال الزمخشري : يريد وأد البنات.
وقال ابن كثير : هذا يشمل قتله بعد وجوده ، كما كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الإملاق ، ويعمّ قتله وهو جنين ، كما قد يفعله بعض الجاهلات من النساء ، تطّرح نفسها ، لئلا تحبل ، إما لغرض فاسد أو ما أشبهه.
(وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَ) قال ابن عباس : أي لا يلحق بأزواجهن غير أولادهم. وأوضحه الزمخشري بقوله : كانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها هو ولدي منك. كني بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها عن الولد الذي تلصقه بزوجها كذبا ، لأن بطنها الذي تحمله فيه بين اليدين ، وفرجها الذي تلده به بين الرجلين ، فهو غير الزنا ، فلا تكرار فيه.
وقال الشهاب : في شرح البخاري للكرماني معناه : لا تأتوا ببهتان من قبل أنفسكم. واليد والرجل كناية عن الذات ، لأن معطم الأفعال بهما. ولذا قيل للمعاقب بجناية قولية : هذا ما كسبت يداك. أو معناه : لا تنشئوه من ضمائركم وقلوبكم ، لأنه من القلب الذي مقره بين الأيدي والأرجل. والأول كناية عن إلقاء البهتان من تلقاء أنفسهم ، والثاني عن كونه من دخيلة قلوبهم المبنية عن الخبث الباطني.
وقال الخطابي : معناه لا تبهتوا الناس كفاحا ومواجهة ، كما يقال للآمر بحضرتك : إنه بين يديك. ورد بأنهم ، وإن كنوا عن الحاضر بكونه بين يديه ، فلا يقال : بين أرجله. وهو وارد لو ذكرت الأرجل وحدها. أما مع الأيدي تبعا فلا. فالمخطئ مخطئ وهو كناية عن خرق جلباب الحياء ، والمراد : النهي عن القذف ، ويدخل فيه الكذب والغيبة. انتهى.
__________________
(١) أخرجه البخاري في : البيوع ، ٩٥ ـ باب من أجرى أمر الأنصار على ما يتعارفون بينهم في البيوع والإجارة ، حديث رقم ١١٠٨ ، عن عائشة.
وأخرجه مسلم في : الأقضية ، حديث رقم ٧.