ولفظ البخاري (١) عنها قالت : بايعنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقرأ علينا (أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً). ونهانا عن النياحة.
وأخرج الطبري بسنده إلى امرأة من المبايعات قالت : كان فيما أخذ علينا أن لا نعصيه في شيء من المعروف ، ولا نخمش وجها. ولا ننشر شعرا ، ولا نشق جيبا ، ولا ندعو ويلا.
وعن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله صلىاللهعليهوسلم أخذ عليهن يومئذ أن لا ينحن ، ولا يحدثن الرجال إلا رجلا منكن محرما. فقال عبد الرحمن بن عوف : يا نبيّ الله! إن لنا أضيافا وإنا نغيب عن نسائنا؟! فقال ليس أولئك عنيت.
الثالث ـ قال إلكيا الهراسي : يؤخذ من قوله تعالى : (وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ) أنه لا طاعة لأحد في غير المعروف. قال وأمر النبيّ صلىاللهعليهوسلم لم يكن إلا بمعروف وإنما شرطه في الطاعة ، لئلا يترخص أحد في طاعة السلاطين.
وأصله مما أخرجه ابن جرير عن ابن زيد. قال في هذه الآية : إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم نبيه ، وخيرته من خلقه. ثم لم يستحل له أمر إلا بشرط. لم يقل (وَلا يَعْصِينَكَ) ويترك حتى قال (فِي مَعْرُوفٍ) فكيف ينبغي لأحد أن يطاع في غير معروف ، وقد اشترط الله هذا على نبيه؟
ثم نبه تعالى في آخر السورة بما نبّه به في فاتحتها ، من النهي عن موالاة محاربي الدين ، تحذيرا من التهاون في ذلك ، وزيادة اعتناء به ، فقال سبحانه :
القول في تأويل قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ) (١٣)
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ) أي مسخوطا عليهم لمعاداتهم الحق ، ومحاربتهم الصلاح ، وعيثهم بالفساد. وهو عام في كل محارب. ومنهم من خصه باليهود ، لأنه عبر عنهم في غير هذه الآية بالمغضوب عليهم ، واقتصر عليه الزمخشري. قال الناصر : قد كان الزمخشريّ ذكر في قوله ، (وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ) إلى قوله : (وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا) [فاطر : ١٢] ، أن آخر
__________________
(١) أخرجه في : الجنائز ، ٤٦ ـ باب ما ينهى عن النوح والبكاء ، حديث ٦٩٤.