كتاب لهم ، فشبههم بالحمار يحمل أسفارا. وبالسبت ، وليس للمسلمين مثله. فشرع الله لهم الجمعة. انتهى.
وقال المهايمي في وجه المناسبة : بيّن تعالى أن مقتضى الإيمان الاجتماع على الخير ، لا سيما الشكر على الإنسانية ، لئلا تنقلب حمارية أو بهيمية ، في مقابلة اجتماع أهل الكتاب على الشر ، الذي جرهم إلى الحمارية والبهيمية.
الثاني ـ قال السيوطي في (الإكليل) : في قوله تعالى : (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ) مشروعية صلاة الجمعة ، والأذان لها والسعي إليها ، وتحريم البيع بعد الأذان. واستدل بالآية من قال إنما يجب إتيان الجمعة على من كان يسمع فيه النداء. ، ومن قال لا يحتاج إلى إذن السلطان ، لأنه تعالى أوجب السعي ، ولم يشترط إذن أحد. ومن قال لا تجب على النساء لعدم دخولهن في خطاب الذكور ، انتهى.
الثالث ـ في (الإكليل) : في قوله تعالى : (فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) إباحة الانتشار عقب الصلاة ، فيستفاد منه تقديم الخطبة عليها. انتهى.
وظاهره أنه لا يشرع بعد أدائها صلاة ما. غير أنه كان صلىاللهعليهوسلم يتنفل بعدها في بيته ركعتين ، وفي رواية أربعا. وأما اعتقاد فرضية الظهر بعدها إذا تعددت ، فتعصب مذهبي لا برهان له. وقد قلت في مقدمة مجموعة الخطب ، في الفائدة الرابعة ، ما مثاله :
الحاجة في هذه البلاد في هذه الأوقات ، تدعو إلى أكثر من جمعة ، إذ ليس للناس جامع واحد يسعهم ، ولا يمكنهم جمعة واحدة أصلا. إلا أن خروجها إلى حد أن لا فرق بينها وبين بقية الصلوات في كثير من المساجد الصغيرة التي لم تشيد لمثلها ، قد هول فيه السبكي في فتاويه ، لأنه مما تأباه مشروعيتها ، وما مضى عليه عمل القرون الثلاثة ، بل تسميتها جمعة ، فإن صيغة (فعلة) في اللغة للمبالغة. وبالجملة فالجوامع الكبار التي تؤمها الأفواج يوم الجمعة ويحتاج لإقامتها فيها حاجة بينة لمجاوريها ، هي التي لا خلاف في جوازها مهما تعددت ، والتي لا تعاد الظهر بعدها ، وقد بسطناه في كتابنا (إصلاح المساجد من البدع والعوائد).
الرابع ـ يدل قوله تعالى : (وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ) على عدم مشروعية تعطيل يوم الجمعة ، ففيه تعريض بمجانبة التشبه بأهل الكتاب في تعطيل يومي السبت والأحد ، وردّ على ما ابتدع فيه من الوظائف ما يدعو إلى الانقطاع عن كل عمل.