القول في تأويل قوله تعالى :
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) (١٠)
(ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ) أي حالهما (كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما) أي بالمظاهرة عليهما والكفر والعصيان ، مع تمكنهما من الطاعة والإيمان (فَلَمْ يُغْنِيا عَنْهُما مِنَ اللهِ) أي من عذابه (شَيْئاً وَقِيلَ) أي لهما عند موتهما ، أو يوم القيامة : (ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ) أي مع سائر الداخلين من الفجرة الذين لا وصلة بينهم وبين الأنبياء.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (١١) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) (١٢)
(وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي من عملهم وعذابهم (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها) أي حفظته وصانته (فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا) يعني جبريل عليهالسلام ، أو من روح خلقناه بلا توسط ، وهو عيسى عليهالسلام (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها) أي بصحفه المنزلة من عنده (وَكُتُبِهِ) أي الموحاة. والعطف للتفسير ، أو الكلمات أعم من المكتوب والمحفوظ من أوامره ووصاياه المتوارثة ، والكتب خاصة بالمخطوط من الأسفار. (وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ) أي من المواظبين على الطاعة لله ، والخضوع لأحكامه. والتذكير للتغليب.
تنبيهات :
الأول : قال الزمخشريّ : مثل الله عزوجل حال الكفار في أنهم يعاقبون على كفرهم وعداوتهم للمؤمنين معاقبة مثلهم ، من غير إبقاء ولا محاباة ولا ينفعهم مع عداوتهم لهم ما كان بينهم وبينهم من لحمة نسب ، أو وصلة صهر ، لأن عداوتهم