(وَلَوْ لا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً إِذاً لَأَذَقْناكَ ضِعْفَ الْحَياةِ وَضِعْفَ الْمَماتِ) [الإسراء : ٧٤ ـ ٧٥] ، وإنما هو مأخوذ من الدهن ، شبه التليين في القول بتليين الدهن.
(وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ) أي : كثير الحلف. قال الزمخشري : وكفى به مزجرة لمن اعتاد الحلف ، ومثله قوله تعالى : (وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ) [البقرة : ٢٢٤]. (مَهِينٍ) أي : حقير الرأي والتمييز.
(هَمَّازٍ) أي : عيّاب طعان. قال ابن جرير : والهمز أصله الغمز. فقيل للمغتاب : هماز ، لأنه يطعن في أعراض الناس بما يكرهون ، وذلك غمز عليهم. (مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) أي نقّال لحديث الناس بعضهم في بعض ، للإفساد بينهم.
(مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ) أي بخيل بالمال ، ضنين به. والخير المال. أو صادّ عن الإسلام. (مُعْتَدٍ) أي : على الناس ، متجاوز في ظلمهم (أَثِيمٍ) كثير الآثام.
(عُتُلٍ) أي جاف غليظ. دعيّ (بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ) أي : دعيّ ملصق في النسب ، ليس منهم. أو مريب يعرف بالشر. قال ابن جرير : ومعنى (بعد) في هذا الموضع معنى (مع).
وقال الشهاب : الإشارة لجميع ما قبله من النقائص ، لا للأخير فقط. وهي للدلالة على أن ما بعده أعظم في القباحة. ف (بعد) هنا ك (ثم) الدلة على التفاوت الرتبيّ ، كما مر في قوله : (بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) [التحريم : ٤].
(أَنْ كانَ ذا مالٍ وَبَنِينَ) قال الزمخشري : متعلق بقوله (وَلا تُطِعْ) يعني : ولا تطعه مع هذا المثالب ، لأن كان ذا مال. أي : ليساره وحظه من الدنيا. ويجوز أن يتعلق بما بعده ، على معنى لكونه متمولا مستظهرا بالبنين ، كذب بآياتنا.
(إِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا) أي : تقرأ عليه آيات كتابنا (قالَ أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) أي : هذا مما كتبه الأولون ، استهزاء به ، وإنكارا منه أن يكون ذلك من عند الله.
وقوله : (سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ) عدة منه تعالى بغاية إذلاله ، بعد تناهي كبره وعجبه وزهوه وعتوه. تقول العرب : وسمته بميسم السوء : يريدون أنه ألصق به من العار ما لا يفارقه. قال جرير :
لما وضعت على الفرزدق ميسمي |
|
وعلى البعيث ، جدعت أنف الأخطل |
قال الزمخشري : الوجه أكرم موضع في الجسد ، والأنف أكرم موضع من الوجه ،