نفسها راضية مجازا ويجوز أن يكون فيه استعارة مكنية وتخييلية ، كما فصل في (المطول).
(فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ قُطُوفُها) جمع قطف بكسر القاف ، وهو ما يقطف من ثمرها (دانِيَةٌ) أي قريبة سهلة التناول.
(كُلُوا) أي : يقال لهم كلوا (وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخالِيَةِ) أي :
الماضية في الحياة الدنيا.
القول في تأويل قوله تعالى :
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ (٢٥) وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ (٢٦) يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ (٢٧) ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ (٢٨) هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (٢٩) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (٣٠) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (٣١) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ (٣٢) إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ (٣٣) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ (٣٤) فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ (٣٥) وَلا طَعامٌ إِلاَّ مِنْ غِسْلِينٍ (٣٦) لا يَأْكُلُهُ إِلاَّ الْخاطِؤُنَ) (٣٧)
(وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِشِمالِهِ فَيَقُولُ) أي : عند ما يلاقي العذاب (يا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ ما حِسابِيَهْ) أي : أيّ شيء حسابي.
(يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ) قال ابن جرير : أي يا ليت الموتة التي متّها في الدنيا كانت هي الفراغ من كل ما بعدها ، ولم يكن بعدها حياة ولا بعث. و (القضاء) هو الفراغ. وقيل : إنه تمنى الموت الذي يقضي عليه ، فتخرج منه نفسه.
(ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ) أي : ما دفع من عذاب الله شيئا.
(هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ) أي ملكي وتسلطي على الناس. أو حجتي ، فلا حجة لي أحتج بها.
(خُذُوهُ) أي : يقال لخزنة النار : خذوه بالقهر والشدة (فَغُلُّوهُ) أي : ضموا يده إلى عنقه ، إذ لم يشكر ما ملكته.
(ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ) أي : أدخلوه ليصلى فيها ، لأنه لم يشكر شيئا من النعم ، فأذيقوه شدائد النقم.
(ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ) أي حلقة منتظمة بأخرى ، وهي بثالثة ، وهلم جرا.
(ذَرْعُها) أي : مقدارها (سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) فأدخلوه فيها. أي : لفّوه بها ، بحيث يكون فيما بين حلقها مرهقا ، لا يقدر على حركة.