سِراجاً) أي يزيل ظلمه الليل ، وينير وجه الأرض. (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً) أي أنشأكم منها. (ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً) أي للحساب والجزاء. (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً) أي تستقرون عليها وتمتهدونها. (لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلاً فِجاجاً) أي طرقا مختلفة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ خَساراً (٢١) وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢) وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً (٢٣) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلالاً (٢٤) مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً) (٢٥)
(قالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي) أي خالفوا أمري وردّوا عليّ ما دعوتهم إليه من الهدى والرشاد ، (وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَساراً) أي رؤساءهم المتبوعين ، أهل المال والجاه ، المعرضين عن الحق ، الذين غرتهم أموالهم وأولادهم ، فهلكوا بسببهما ، وخسروا سعادة الدارين.
(وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً) أي متناهيا كبره ، فإن (الكبّار) أكبر من (الكبير).
(وَقالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْراً) قال قتادة : كانت آلهة تعبدها قوم نوح ، ثم عبدتها العرب بعد ذلك.
قال : فكان (ود) لكلب بدومة الجندل ، وكانت (سواع) لهزيل ، وكان (يغوث) لبني غطيف من مراد بالجرف ، وكان (يعوق) لهمذان ، وكان (نسر) لذي الكلاع من حمير.
وقال (في رواية) : والله ما عدا ـ أي كلّ منها ـ خشبة أو طينة أو حجرا.
وقال ابن جرير : كان خبرهم ـ فيما بلغنا ـ من محمد بن قيس قال : كانوا قوما صالحين من بني آدم ، وكان لهم أتباع يقتدون بهم ، فلما ماتوا قال أصحابهم الذين كانوا يقتدون بهم : لو صورناهم كان أشوق لنا إلى العبادة إذا ذكرناهم. فصورهم. فلما ماتوا وجاء آخرون دب إليهم إبليس فقال : إنما كانوا يعبدونهم ، وبهم يسقون المطر ، فعبدوهم.
وروى البخاري (١) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال. صارت الأوثان التي
__________________
(١) أخرجه البخاري في : التفسير ، سورة نوح ، ١ ـ باب (وَدًّا وَلا سُواعاً وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ) ، حديث رقم ٢٠٦٦.