(وَقالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً) أي أحدا.
قال ابن جرير : يعني ب (الديّار) من يدور في الأرض فيذهب ويجيء فيها ، وهو (فيعال) من الدوران ، ديوارا اجتمعت الياء والواو ، فسبقت الياء الواو وهي ساكنة ، وأدغمت الواو فيها ، وصيرتا ياء مشددة. والعرب تقول : ما بها ديّار ولا عريب ولا دويّ ولا صافر ولا نافخ ضرمة.
(إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ) عن طريق الحق. (وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) قال أبو السعود : أي إلا من سيفجر ويكفر. فوصفهم بما يصيرون إليه ، وكأنه اعتذار مما عسى يرد عليه ، من أن الدعاء بالاستئصال ، مع احتمال أن يكون من أخلافهم من يؤمن ، منكر ، وإنما قاله لاستحكام علمه بما يكون منهم ومن أعقابهم ، بعد ما جربهم ، واستقرأ أحوالهم قريبا من ألف سنة.
وقال بعضهم : ملّ نوح عليهالسلام من دعوة قومه وضجر ، واستولى عليه الغضب ، ودعا ربه لتدمير قومه وقهرهم ، وحكم بظاهر الحال أن المحجوب الذي غلب عليه الكفر لا يلد إلا مثله ، فإن النطفة التي تنشأ من النفس الخبيثة المحجوبة ، وتتربى بهيئاتها المظلمة ، لا تقبل إلا نفسا مثلها ، كالبذر الذي لا ينبت إلا من صنفه وسنخه. انتهى.
(رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ) قال ابن جرير : أي رب اعف عني ، واستر عليّ ذنوبي وعلى والديّ ، (وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً) قال ابن جرير : أي ولمن دخل مسجدي ومصلاي ، مصليا مؤمنا بواجب فرضك عليه. وقيل : بيتي منزلي. (وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً) أي هلاكا وخسارا.