(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي بيوم الفصل. كما قال في سورة المطففين (الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) [المطففين : ١١] ، والتكذيب به ، إنكار البعث له والحشر إليه.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦) ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧) كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ (١٨) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (١٩)
(أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ) أي الأمم الماضين المكذبين بالرسل والجاحدين بالآيات ، كقوم نوح ، وعاد ، وثمود. (ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ) أي من قوم لوط ، وموسى. فنسلك بهم سبل أولئك. وهو وعيد لأهل مكة (كَذلِكَ) أي مثل ذلك الأخذ العظيم. (نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) أي بكل من أجرم وطغى وبغى (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) قال ابن جرير : أي بأخبار الله التي ذكرها في هذه الآية ، الجاحدين قدرته على ما يشاء.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) (٢٤)
(أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ) أي من نطفة ضعيفة (فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ) أي رحم استقر فيها فتمكّن (إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ) أي وقت معلوم لخروجه من الرحم (فَقَدَرْنا) قرئ بالتخفيف والتشديد. أي فقدرنا على ذلك أو قدّرناه (فَنِعْمَ الْقادِرُونَ وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي بقدرته تعالى على ذلك ، أو على الإعادة.
القول في تأويل قوله تعالى :
(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (٢٥) أَحْياءً وَأَمْواتاً) (٢٦)
(أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَأَمْواتاً) قال ابن جرير : أي وعاء. تقول هذا كفت هذا وكفيته إذا كان وعاءه. والمعنى ألم نجعل الأرض كفات أحيائكم وأمواتكم ، تكفت أحياءكم في المساكن والمنازل فتضمهم فيها وتجمعهم ، وأمواتكم في بطونها في القبور فيدفنون فيها؟ وجائز أن يكون عنى بقوله : (كِفاتاً أَحْياءً وَأَمْواتاً) تكفت أذاهم في حال حياتهم ، وجيفهم بعد مماتهم. انتهى.
و (الكفات) إما اسم جنس لما يضم ويقبض. يقال : كفته الله إليه أي قبضه. ولذلك سميت المقبرة كفتة وكفاتا. ومنه الضمام والجماع ، لما يضم ويجمع. يقال