ولا يعملون على إزالة جهلهم ، لتوهمهم أنهم ليسوا بجهلاء ، وهذا أسوأ أنواع الجهل ، لأنه جهل مركب ، إذ صاحبه يجهل أنه جاهل. فهو كما قال الشاعر :
قال حمار الحكيم يوما |
|
لو أنصفونى لكنت أركب |
لأننى جاهل بسيط |
|
وصاحبي جاهل مركب |
ثم ختم ـ سبحانه ـ السورة الكريمة ، بأمر النبي صلىاللهعليهوسلم بالصبر على هؤلاء الجاهلين ، فقال : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ ، وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ).
أى : إذا كان الأمر كما وصفنا لك من أحوال هؤلاء المشركين ، فاصبر على أذاهم ، وعلى جهالاتهم ، فإن وعد الله ـ تعالى ـ بنصرك عليهم حق لا شك في ذلك.
(وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ) أى : ولا يزعجنك ويحملنك على عدم الصبر ، الذين لا يوقنون بصحة ما تتلو عليهم من آيات ، ولا بما تدعوهم إليه من رشد وخير.
وهكذا ختمت السورة الكريمة بالوعد بالنصر ، كما افتتحت بالوعد به ، للمؤمنين الصادقين (وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ).
وبعد : فهذه هي سورة الروم ، وهذا تفسير محرر لها ، نسأل الله ـ تعالى ـ أن يجعله خالصا لوجهه ونافعا لعباده.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
|
كتبه الراجي عفو ربه د. محمد سيد طنطاوى |