بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللهُ أَعْمالَهُمْ وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٩) يَحْسَبُونَ الْأَحْزابَ لَمْ يَذْهَبُوا وَإِنْ يَأْتِ الْأَحْزابُ يَوَدُّوا لَوْ أَنَّهُمْ بادُونَ فِي الْأَعْرابِ يَسْئَلُونَ عَنْ أَنْبائِكُمْ وَلَوْ كانُوا فِيكُمْ ما قاتَلُوا إِلاَّ قَلِيلاً)(٢٠)
أى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ لهؤلاء المنافقين : (لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ) ، لأن كل إنسان لا بد له من نهاية تنتهي عندها حياته ، سواء أكانت تلك النهاية عن طريق القتل بالسيف ، أم عن طريق الموت على الفراش.
وما دام الأمر كذلك ، فعلى هؤلاء المنافقين أن يعلموا : أن الجبن لا يؤخر الحياة ، وأن الشجاعة لا تقدمها عن موعدها. وصدق الله إذ يقول : (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ ساعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ).
وقوله : (إِنْ فَرَرْتُمْ) .. جوابه محذوف لدلالة ما سبق عليه. أى : إن فررتم لن ينفعكم فراركم.
وقوله : (وَإِذاً لا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً) تذييل قصد به زجرهم عن الجبن الذي استولى عليهم.
أى : إن فراركم من الموت أو القتل ، إن نفعكم ـ على سبيل الفرض ـ لفترة من الوقت ، فلن ينفعكم طويلا ، لأنكم لن تتمتعوا بالحياة بعد هذا الفرار إلا وقتا قليلا ، ثم ينزل بكم قضاء الله ـ تعالى ـ الذي لا مرد لكم منه ، فما تفرون منه هو نازل بكم قطعا.
ثم أمر الله ـ تعالى ـ رسوله صلىاللهعليهوسلم أن يقرعهم بحجة أخرى لا يستطيعون الرد عليها ، فقال : (قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللهِ ، إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً).
أى : قل ـ أيها الرسول ـ لهؤلاء الجاهلين : من هذا الذي يملك أن يدفع ما يريده الله ـ