بعضهم : لا نصلّى حتى نأتيها ، وقال بعضهم : بل نصلّى ، فذكر ذلك للنبي صلىاللهعليهوسلم فلم يعنف أحدا (١).
وبعد أن حاصر المسلمون بنى قريظة خمسا وعشرين ليلة ، نزلوا بعدها على حكم سعد بن معاذ ـ رضى الله عنه ـ فحكم بقتل رجالهم ، وتقسيم أموالهم ، وسبى نسائهم وذراريهم.
وقال الرسول صلىاللهعليهوسلم له : «لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات» (٢).
وإلى هنا نجد السورة الكريمة قد حدثتنا حديثا جامعا حكيما عن غزوة الأحزاب ، فقد ذكرت المؤمنين ـ أولا ـ بنعم الله ـ تعالى ـ عليهم ، ثم صورت أحوالهم عند ما أحاطت بهم جيوش الأحزاب من فوقهم ومن أسفل منهم.
ثم حكت ما قاله المنافقون في تلك الساعات العصيبة ، وما أشاروا به على أشباههم في النفاق ، وما اعتذروا به من أعذار باطلة ، وما جبلوا عليه من أخلاق قبيحة ، على رأسها الجبن والخور وضعف العزيمة وفساد النية.
ثم انتقلت إلى الحديث عن المواقف المشرقة الكريمة التي وقفها المؤمنون الصادقون عند ما رأوا الأحزاب ، وكيف أنهم ازدادوا إيمانا على إيمانهم ، ووفوا بعهودهم مع الله ـ تعالى ـ دون أن يبدلوا تبديلا.
وكما بدئت الآيات بتذكير المؤمنين بنعم الله ـ تعالى ـ عليهم ، ختمت ـ أيضا ـ بهذا التذكير حيث رد الله أعداءهم عنهم دون أن ينالوا خيرا ، ومكنهم من معاقبة الغادرين من اليهود.
ثم عادت السورة الكريمة مرة أخرى ـ بعد هذا الحديث عن غزوة الخندق ـ إلى بيان التوجيهات الحكيمة التي وجهها الله ـ تعالى ـ إلى نبيه صلىاللهعليهوسلم وإلى أزواجه ، فقال ـ سبحانه ـ :
__________________
(١) صحيح البخاري : باب مرجع النبي صلىاللهعليهوسلم من الأحزاب ج ٥ ص ١٤٢.
(٢) راجع تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٢٩٧ والآلوسى ج ٢١ ص ١٧٦.