الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكاةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً (٣٣) وَاذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللهَ كانَ لَطِيفاً خَبِيراً)(٣٤)
فقوله ـ سبحانه ـ (يا نِساءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) .. نداء من الله تعالى ـ لهن ، على سبيل الوعظ والإرشاد والتأديب ، والعناية بشأنهن لأنهن القدوة لغيرهن ، والفاحشة : ما قبح من الأقوال والأفعال.
والمعنى : يا نساء النبي صلىاللهعليهوسلم من يأت منكن بمعصية ظاهرة القبح ، يضاعف الله ـ تعالى ـ لها العقاب ضعفين ، لأن المعصية من رفيع الشأن تكون أشد قبحا ، وأعظم جرما.
قال صاحب الكشاف : وإنما ضوعف عذابهن ، لأن ما قبح من سائر النساء ، كان أقبح منهن وأقبح ، لأن زيادة قبح المعصية ، تتبع زيادة الفضل والمرتبة .. وليس لأحد من النساء ، مثل فضل نساء النبي صلىاللهعليهوسلم ولا على أحد منهن مثل ما لله عليهن من النعمة .. ولذلك كان ذم العقلاء للعاصي العالم : أشد منه للعاصي الجاهل ، لأن المعصية من العالم أقبح (١).
وقد روى عن زين العابدين بن على بن الحسين ـ رضى الله عنهم ـ أنه قال له رجل : إنكم أهل بيت مغفور لكم ، فغضب ، وقال : نحن أحرى أن يجرى فينا ، ما أجرى الله ـ تعالى ـ على نساء نبيه صلىاللهعليهوسلم من أن لمسيئنا ضعفين من العذاب ، ولمحسننا ضعفين من الأجر.
وقوله ـ سبحانه ـ : (مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفاحِشَةٍ) .. جملة شرطية. والجملة الشرطية لا تقتضي وقوع الشرط ، كما في قوله ـ تعالى ـ : (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ) .. وكما في قوله ـ سبحانه ـ : (وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ).
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة ببيان أن منزلتهن ـ رضى الله عنهن ـ لا تمنع من وقوع العذاب بهن في حالة ارتكابهن لما نهى الله ـ تعالى ـ عنه ، فقال : (وَكانَ ذلِكَ عَلَى
__________________
(١) تفسير الكشاف ج ٣ ص ٥٣٦.