ابن الحسين ما أوحى الله ـ تعالى ـ به إليه من أن زينب سيطلقها زيد. ويتزوجها هو صلىاللهعليهوسلم.
وإلى هذا ذهب أهل التحقيق من المفسرين ، كالزهرى ، وبكر بن العلاء ، والقشيري ، والقاضي أبى بكر بن العربي ، وغيرهم (١).
وقال بعض العلماء ما ملخصه : قوله ـ تعالى ـ : (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ) جملة : الله مبديه صلة الموصول الذي هو (مَا). وما أبداه ـ سبحانه ـ هو زواجه صلىاللهعليهوسلم بزينب ، وذلك في قوله ـ تعالى ـ : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً زَوَّجْناكَها) وهذا هو التحقيق في معنى الآية ، الذي دل عليه القرآن ، وهو اللائق بجنابه صلىاللهعليهوسلم.
وبه تعلم أن ما قاله بعض المفسرين ، من أن ما أخفاه في نفسه صلىاللهعليهوسلم وأبداه الله ـ تعالى ـ ، هو وقوع زينب في قلبه صلىاللهعليهوسلم ومحبته لها ، وهي زوجة لزيد ، وأنها سمعته يقول عند ما رآها : سبحان مقلب القلوب .. إلى آخر ما قالوا ... كله لا صحة له .. (٢).
وقال الإمام ابن كثير عند تفسيره لهذه الآية : ذكر ابن جرير وابن أبى حاتم ـ وغيرهما ـ هاهنا آثارا عن بعض السلف ، أحببنا أن نضرب عنها صفحا ، لعدم صحتها. فلا نوردها .. (٣).
هذا ، ولفضيلة شيخنا الجليل الدكتور أحمد السيد الكومى رأى في معنى هذه الجملة الكريمة ، وهو أن ما أخفاه الرسول في نفسه : هو علمه بإصرار زيد على طلاقه لزينب ، لكثرة تفاخرها عليه ، وسماعه منها ما يكرهه. وما لا يستطيع معه الصبر على معاشرتها.
وما أبداه الله ـ تعالى ـ : هو علم الناس بحال زيد معها ، ومعرفتهم بأن زينب تخشن له القول ، وتسمعه ما يكره ، وتفخر عليه بنسبها ..
فيكون المعنى : تقول للذي أنعم الله عليه ، وأنعمت عليه ، أمسك عليك زوجك واتق الله ، وتخفى في نفسك أن زيدا لن يستطيع الصبر على معاشرة زوجه زينب لوجود التنافر بينهما .. مع أن الله ـ تعالى ـ قد أظهر ذلك ، عن طريق كثرة شكوى زيد منها ، وإعلانه أنه حريص على طلاقها ، ومعرفة كثير من الناس بهذه الحقيقة ..
ومما يؤيد هذا الرأى أنه لم يرد لا في الكتاب ولا في السنة ما يدل دلالة صريحة على أن الله
__________________
(١) تفسير الآلوسى ج ٢٢ ص ٢٤.
(٢) تفسير أضواء البيان ج ٦ ص ٥٨٠ للمرحوم الشيخ محمد الأمين الشنقيطى.
(٣) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٤٢٠.