أى : ما كان على النبي صلىاللهعليهوسلم من حرج أو لوم أو مؤاخذة ، في فعل ما أحله الله له ، وقدره عليه ، وأمره به من زواجه بزينب بعد أن طلقها ابنه بالتبني زيد بن حارثة فقوله : (فِيما فَرَضَ اللهُ لَهُ) أى : فيما قسمه له ، وقدره عليه ، مأخوذ من قولهم : فرض فلان لفلان كذا ، أى : قدر له هذا الشيء ، وجعله حلالا له.
وقوله ـ تعالى ـ : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) زيادة في تأكيد هذه الحكمة ، وفي تقرير صحة ما فرضه الله ـ تعالى ـ لنبيه صلىاللهعليهوسلم.
أى : ما فعله الرسول صلىاللهعليهوسلم من زواجه بزينب بعد طلاقها من زيد ، قد جعله الله ـ تعالى ـ سنة من سننه في الأمم الماضية ، وكان أمر الله ـ تعالى ـ قدرا مقدورا. أى : واقعا لا محالة.
والقدر : إيجاد الله ـ تعالى ـ للأشياء على قدر مخصوص حسبما تقتضي حكمته.
ويقابله القضاء : وهو الإرادة الأزلية المتعلقة بالأشياء على ما هي عليه. وقد يستعمل كل منهما بمعنى الآخر. والأظهر أن قدر الله ـ تعالى ـ هنا بمعنى قضائه.
ولفظ (مَقْدُوراً) وصف جيء به للتأكيد ، كما في قولهم : ظل ظليل ، وليل أليل ، ثم مدح ـ سبحانه ـ هؤلاء المؤمنين الصادقين الذين يبلغون دعوته دون أن يخشوا أحدا سواه فقال : (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ) للذين يكلفهم ـ سبحانه ـ بتبليغها لهم. والموصول في محل جر صفة للذين خلوا. أو منصوب على المدح.
(وَيَخْشَوْنَهُ) أى : ويخافونه وحده (وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ) ـ عزوجل ـ في كل ما يأتون وما يذرون ، وما يقولون وما يفعلون.
(وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) أى : وكفى بالله ـ تعالى ـ محاسبا لعباده على نيات قلوبهم وأفعال جوارحهم ، وأقوال ألسنتهم.
ثم حدد ـ سبحانه ـ وظيفة رسوله صلىاللهعليهوسلم وأثنى عليه بما هو أهله ، فقال ـ تعالى ـ : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) أى : لم يكن محمد صلىاللهعليهوسلم أبا لأحد من رجالكم أبوة حقيقية ، تترتب عليها آثارها وأحكامها من الإرث ، والنفقة والزواج ... وزيد كذلك ليس ابنا له صلىاللهعليهوسلم فزواجه صلىاللهعليهوسلم بزينب التي طلقها زيد لا حرج فيه ، ولا شبهة في صحته ، وقوله : (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) استدراك لبيان وظيفته وفضله.
أى : لم يكن صلىاللهعليهوسلم أبا لأحدكم على سبيل الحقيقة ، ولكنه كان رسولا من عند الله ـ تعالى ـ ليخرجكم من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان وكان ـ أيضا ـ خاتم النبيين ، بمعنى