وقوله : (وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْواجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) معطوف على ما قبله.
أى : لا يحل لك الزواج بعد اليوم بغير من هن في عصمتك ، كما لا يحل لك ـ أيضا ـ أن تطلق واحدة منهن وتتزوج بأخرى سواها ، حتى ولو أعجبك جمال من تريد زواجها من غير نسائك اللائي في عصمتك عند نزول هذه الآية.
فالآية الكريمة قد اشتملت على حكمين : أحدهما : حرمة الزواج بغير التسع اللائي كن في عصمته عند نزولها. والثاني : حرمة تطليق واحدة منهن ، للزواج بأخرى بدلها.
وقوله : (بَعْدُ) ظرف مبنى على الضم لحذف المضاف اليه. أى : من بعد اليوم. و (أَزْواجٍ) مفعول به ، و (مِنْ) مزيدة لاستغراق الجنس. أى : ولا أن تبدل بهن أزواجا أخريات مهما كان شأن هؤلاء الأخريات.
وجملة : (وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَ) في موضع الحال من الفاعل وهو الضمير في (تَبَدَّلَ). أى : لا يحل لك الزيادة عليهن ، ولا أن تتبدل بهن أزواجا غيرهن في أية حالة من الأحوال ، حتى ولو في حال إعجابك بغيرهن ويصح أن تكون هذه الجملة شرطية ، وقد حذف جوابها لفهمه من الكلام ، ويكون المعنى : ولو أعجبك حسنهن لا يحل لك نكاحهن.
وقوله : (إِلَّا ما مَلَكَتْ يَمِينُكَ) استثناء من هذا الحكم. أى : لا يحل لك الزيادة عليهن ، ولا استبدال غيرهن بهن ، ولكن يحل لك أن تضيف إليهن ما شئت من النساء اللائي تملكهن عن طريق السبي.
وهذا الذي سرنا عليه من أن الآية الكريمة في شأن أزواجه صلىاللهعليهوسلم هو الذي سار عليه جمهور المفسرين.
قال ابن كثير : ذكر غير واحد من العلماء كابن عباس ، ومجاهد ، وقتادة ، وغيرهم ـ أن هذه الآية الكريمة نزلت مجازاة لأزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ورضا الله عنهن على حسن صنيعهن ، في اختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة ، لما خيرهن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما تقدم ، فلما اخترن رسول الله ، كان جزاؤهن أن قصره عليهن ، وحرم عليه أن يتزوج بغيرهن ، أو يستبدل بهن أزواجا غيرهن ، ولو أعجبه حسنهن ، إلا الإماء والسرائر ، فلا حجر عليه فيهن.
ثم إنه ـ سبحانه ـ رفع عنه الحجر في ذلك ، ونسخ حكم هذه الآية ، وأباح له التزوج ، ولكنه لم يقع منه بعد ذلك زواج لغيرهن ، لتكون المنة للرسول صلىاللهعليهوسلم عليهن. روى الإمام