أحمد عن عائشة قالت : ما مات رسول الله صلىاللهعليهوسلم حتى أحل الله له النساء (١).
ومن العلماء من يرى أن قوله ـ تعالى ـ (مِنْ بَعْدُ) المراد به : من بعد من أحللنا لك الزواج بهن ، وهن الأصناف الأربعة اللائي سبق الحديث عنهن في قوله ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ ، وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ) ...
وهذا الرأى الثاني وإن كان أشمل من سابقه ، إلا أننا نرجح أن الآية الكريمة مسوقة لتكريم أمهات المؤمنين اللائي اخترن الله ورسوله والدار الآخرة على الحياة الدنيا وزينتها.
هذا ، والنساء التسع اللائي حرم الله ـ تعالى ـ على نبيه صلىاللهعليهوسلم الزيادة عليهن ، والاستبدال بهن ، هن : عائشة بنت أبى بكر ، وحفصة بنت عمر ، وأم حبيبة بنت أبى سفيان ، وسودة بنت زمعة ، وأم سلمة بنت أبى أمية ، وصفية بنت حيي بن أخطب ، وميمونة بنت الحارث ، وزينب بنت جحش ، وجويرية بنت الحارث (٢).
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بقوله : (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ رَقِيباً).
أى : وكان الله ـ تعالى ـ وما زال ، مطلعا على كل شيء من أحوالكم ـ أيها الناس ـ فاحذروا أن تتجاوزوا ما حده الله ـ تعالى ـ لكم ، لأن هذا التجاوز يؤدى إلى عدم رضا الله ـ سبحانه ـ عنكم.
وبذلك نرى أن هذه الآيات الكريمة ، قد ذكرت ألوانا متعددة من مظاهر تكريم الله ـ تعالى ـ لنبيه صلىاللهعليهوسلم ومن توسعته عليه في شأن أزواجه ، وفي شأن ما أحله له من عدم التقيد في القسم بينهن ، وفي تقديم أو تأخير من شاء منهن ..
كما أنها قد كرمت أمهات المؤمنين تكريما عظيما. لاختيارهن الله ورسوله والدار الآخرة على الحياة الدنيا وزينتها.
ثم ساقت السورة الكريمة بعد ذلك ألوانا من التشريعات الحكيمة ، والآداب القويمة. التي تتعلق بدخول بيوت النبي صلىاللهعليهوسلم ، وبحقوق أزواجه صلىاللهعليهوسلم في حياته وبعد مماته ، وبوجوب احترامه وتوقيره صلىاللهعليهوسلم فقال ـ تعالى ـ :
__________________
(١ ، ٢) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٤٣٨.