الهواجس الشيطانية التي قد تتولد عن مشاهدتكم لهن ، ومشاهدتهن لكم ..
ثم ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بقوله : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ ، وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً ، إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً).
أى : وما صح وما استقام لكم ـ أيها المؤمنون ـ أن تؤذوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأى لون من ألوان الأذى ، سواء أكان بدخول بيوته بغير إذنه ، أم بحضوركم إليها انتظارا لنضج الطعام أم بجلوسكم بعد الأكل بدون مقتض لذلك ، أم بغير ذلك مما يتأذى به صلىاللهعليهوسلم.
كما أنه لا يصح لكم بحال من الأحوال أن تنكحوا أزواجه من بعده ، أى : من بعد وفاته.
(إِنَّ ذلِكُمْ) أى : إيذاءه ونكاح أزواجه من بعده (كانَ عِنْدَ اللهِ) ـ تعالى ـ ذنبا (عَظِيماً) وإثما جسيما ، لا يقادر قدره.
ثم حذرهم ـ سبحانه ـ من مخالفة أمره ، بأن بين لهم بأنه ـ سبحانه ـ لا يخفى عليه شيء ، من أمرهم ، فقال : (إِنْ تُبْدُوا شَيْئاً) بأن تظهروه على ألسنتكم (أَوْ تُخْفُوهُ) بأن تضمروه في قلوبكم ، فإنه في الحالين لا يعزب عن علمنا ، وسنحاسبكم عليه ، (فَإِنَّ اللهَ) ـ تعالى ـ (كانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) بحيث لا يخفى عليه شيء ، في الأرض ولا في السماء.
هذا وقد أخذ العلماء من هذه الآية الكريمة التي تسمى بآية الحجاب ، جملة من الأحكام والآداب منها :
١ ـ وجوب الاستئذان عند دخول البيوت لتناول طعام ، ووجوب الخروج بعد تناوله إلا إذا كانت هناك ضرورة تدعو للبقاء ، كما أن من الواجب الحضور إلى الطعام في الوقت المناسب له ، وليس قبله انتظارا لنضجه وتقديمه.
٢ ـ حرمة الاختلاط بين الرجال والنساء سواء أكان ذلك في الطعام أم في غيره ، فقد أمر ـ سبحانه ـ المؤمنين ، إذا سألوا أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم شيئا أن يسألوهن من وراء حجاب ، وعلل ذلك بأن سؤالهن بهذه الطريقة ، يؤدى إلى طهارة القلوب ، وعفة النفوس ، والبعد عن الريبة وخواطر السوء ..
وحكم نساء المؤمنين في ذلك كحكم أمهات المؤمنين ، لأن قوله ـ سبحانه ـ (ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَ) علة عامة تدل على تعميم الحكم ، إذ جميع الرجال والنساء في كل زمان ومكان في حاجة إلى ما هو أطهر للقلوب ، وأعف للنفوس ..
قال بعض العلماء ما ملخصه : وقوله : (ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَ) قرينة واضحة على إرادة تعميم الحكم ، إذ لم يقل أحد من العقلاء ، إن غير ازواج النبي صلىاللهعليهوسلم لا حاجة