اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٥٨) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْواجِكَ وَبَناتِكَ وَنِساءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذلِكَ أَدْنى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً)(٥٩)
قال القرطبي : لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : ونحن أيضا نكلمهن من وراء حجاب؟ فنزلت هذه الآية : (لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبائِهِنَّ) .. (١).
فالآية الكريمة مسوقة لبيان من لا يجب على النساء أن يحتجبن منه.
أى : لا حرج ولا إثم على أمهات المؤمنين ولا على غيرهن من النساء ، في ترك الحجاب بالنسبة لآبائهن ، أو أبنائهن أو إخوانهن ، أو أبناء إخوانهن أو أبناء أخواتهن ، أو نسائهن اللاتي تربطهن بهن رابطة قرابة أو صداقة ، أو ما ملكت أيمانهن من الذكور أو الإناث.
فهؤلاء يجوز للمرأة أن تخاطبهم بدون حجاب ، وأن تظهر أمامهم بدون ساتر. وهذا لون من ألوان اليسر والسماحة في شريعة الإسلام.
ولم يذكر سبحانه ـ العم والخال ، لأنهما يجريان مجرى الوالدين ، وقد يسمى العم أبا. كما في قوله ـ تعالى ـ حكاية عن يعقوب : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ ، إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي ، قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً ، وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) وإسماعيل كان عما ليعقوب لا أبا له.
قال الجمل : وقوله : (وَلا نِسائِهِنَ) أى : ولا جناح على زوجات النبي صلىاللهعليهوسلم في عدم الاحتجاب عن نسائهن ، أى : عن النساء المسلمات وإضافتهن لهن من حيث المشاركة في الوصف ، وهو الإسلام ، وأما النساء الكافرات فيجب على أزواج النبي الاحتجاب عنهن ،
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٤ ص ٢٣١.