كما يجب على سائر المسلمات. أى : ما عدا ما يبدو عند المهنة ، أما هو فلا يجب على المسلمات حجبه وستره عن الكافرات (١).
وشبيه بهذه الآية قوله ـ تعالى ـ : في سورة النور : (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ ، أَوْ آبائِهِنَّ ، أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ ، أَوْ أَبْنائِهِنَّ ، أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ.) .. الآية.
ثم عقب. سبحانه هذا الترخيص والتيسير بقوله : (وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً).
والجملة الكريمة معطوفة على محذوف ، والتقدير : لقد أبحت لكن يا معشر النساء مخاطبة هؤلاء الأصناف بدون حجاب : فامتثلن أمرى ، واتقين الله ـ تعالى ـ في كل أحوالكن ، واحرصن على العفاف والتستر والاحتشام ، لأن الله ـ تعالى ـ مطلع على كل ما يصدر عنكن ، وسيجازى كل إنسان بما يستحقه من ثواب أو عقاب.
ثم أثنى الله ـ تعالى ـ على نبيه ثناء كبيرا وأمر المؤمنين بأن يعظموه ويوقروه فقال : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً).
قال القرطبي ما ملخصه : هذه الآية شرف الله بها رسوله صلىاللهعليهوسلم في حياته وموته ، وذكر منزلته منه .. والصلاة من الله رحمته ورضوانه ، ومن الملائكة الدعاء والاستغفار ، ومن الأمة الدعاء والتعظيم لأمره ..
والضمير في (يُصَلُّونَ) لله ـ تعالى ـ ولملائكته. وهذا قول من الله شرف به ملائكته ..
أو في الكلام حذف. والتقدير : إن الله يصلى وملائكته يصلون (٢).
وقال ابن كثير : والمقصود من هذه الآية الكريمة ، أن الله ـ تعالى ـ أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى : بأنه يثنى عليه عند الملائكة المقربين وأن الملائكة تصلى عليه ، ثم أمر الله أهل العالم السفلى بالصلاة والتسليم عليه. ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلى جميعا (٣).
والمعنى : إن الله ـ تعالى ـ يثنى على نبيه محمد صلىاللهعليهوسلم ويرضى عنه ، وإن الملائكة تثنى عليه صلىاللهعليهوسلم وتدعو له بالظفر بأعلى الدرجات وأسماها.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ) أى : عظموه ووقروه وادعوا له بأرفع الدرجات (وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) أى : وقولوا : السلام عليك أيها النبي. والسلام : مصدر بمعنى السلامة.
__________________
(١) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ٤٥٤.
(٢) تفسير القرطبي ج ١٤ ص ٢٣٢.
(٣) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٤٤٧.