أى : السلامة من النقائص والآفات ملازمة لك.
والتعبير بالجملة الاسمية في صدر الآية ، للإشعار بوجوب المداومة والاستمرار على ذلك.
وخص المؤمنين بالتسليم ، لأن الآية وردت بعد النهى عن إيذاء النبي صلىاللهعليهوسلم ، والإيذاء له صلىاللهعليهوسلم إنما يكون من البشر.
وقد ساق المفسرون ـ وعلى رأسهم ابن كثير والقرطبي والآلوسى ـ أحاديث متعددة في فضل الإكثار من الصلاة على النبي صلىاللهعليهوسلم ، وفي كيفية الصلاة عليه ..
ومنها : ما رواه الإمام أحمد وابن ماجة عن عامر بن ربيعة قال : سمعت النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «من صلّى على صلاة لم تزل الملائكة تصلى عليه ما صلّى على ، فليقلّ عبد من ذلك أو ليكثر».
ومنها ما رواه الشيخان وغيرهما عن كعب بن عجرة قال : لما نزلت هذه الآية قلنا : يا رسول الله ، قد علمنا السلام ، فكيف الصلاة عليك ، قال : قولوا : اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد ، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (١).
والآية الكريمة تدل على وجوب الصلاة والسلام على النبي صلىاللهعليهوسلم والمؤمنون الصادقون هم الذين يكثرون من ذلك. قال صاحب الكشاف ما ملخصه : فإن قلت : الصلاة على رسول الله صلىاللهعليهوسلم واجبة أم مندوب إليها؟ قلت : بل واجبة ، وقد اختلفوا في حال وجوبها ، فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره صلىاللهعليهوسلم ومنهم من قال تجب في كل مجلس مرة ، وإن تكرر ذكره.
ومنهم من أوجبها في العمر مرة .. والذي يقتضيه الاحتياط : الصلاة عليه عند كل ذكر .. لما ورد من الأخبار في ذلك.
ومنها : «رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل على» (٢).
ثم توعد ـ سبحانه ـ الذين يسيئون إلى رسوله صلىاللهعليهوسلم بأى لون من ألوان الإساءة فقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ ، وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً).
والمراد بأذى الله ورسوله : ارتكاب ما يبغضان ويكرهان من الكفر والفسوق والعصيان ،
__________________
(١) راجع تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٤٤٨ وما بعدها إلى صن ٤٦٩.
(٢) تفسير الكشاف ج ٣ ص ٥٥٧.