وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (١١) وَما يَسْتَوِي الْبَحْرانِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ سائِغٌ شَرابُهُ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَواخِرَ لِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٢) يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ ما يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣) إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ)(١٤)
قال أبو حيان ـ رحمهالله ـ لما ذكر ـ سبحانه ـ أشياء من الأمور السماوية ، وإرسال الملائكة ، أتبع ذلك بذكر أشياء من الأمور الأرضية كالرياح وإرسالها ، وفي هذا احتجاج على منكري البعث ، دلهم على المثال الذي يعاينونه ، وهو وإحياء الموتى سيان. وفي الحديث أنه قيل لرسول الله صلىاللهعليهوسلم : كيف يحيى الله الموتى وما آية ذلك في خلقه؟ فقال : «هل مررت بوادي أهلا محلا ـ أى مجدبا لا نبات فيه ـ ثم مررت به يهتز خضرا؟ فقالوا : نعم ، فقال : فكذلك يحيى الله الموتى ، وتلك آيته في خلقه» (١).
فقوله ـ تعالى ـ : (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) بيان لمظهر آخر من مظاهر قدرته ـ عزوجل ـ ومن سعة رحمته بعباده.
__________________
(١) تفسير البحر المحيط ج ٧ ص ٣٠٢ لأبى حيان.