من باب «وعد» ، وأكثر ما يكون استعمالا في حمل الآثام.
وقوله (وازِرَةٌ) : صفة لموصوف محذوف. أى : ولا تحمل نفس آثمة ، إثم نفس أخرى ، وإنما كل نفس مسئولة وحدها عن أفعالها وأقوالها التي باشرتها ، أو تسببت فيها.
وقوله : (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) مؤكد لمضمون ما قبله ، من مسئولية كل نفس عن أفعالها.
وقوله : (مُثْقَلَةٌ) صفة لموصوف محذوف ، والمفعول محذوف ـ أيضا ـ للعلم به.
وقوله (حِمْلِها) أى : ما تحمله من الذنوب والآثام ، إذ الحمل ـ بكسر الحاء ـ ما يحمله الإنسان من أمتعة على ظهره أو رأسه أو كتفه.
والمعنى : لا تحمل نفس آثمة إثم نفس أخرى ، وإن تطلب نفس مثقلة بالذنوب من نفس أخرى ، أن تحمل عنها شيئا من ذنوبها التي أثقلتها ، لا تجد استجابة منها ، ولو كانت تلك النفس الأخرى من أقربائها وذوى رحمها.
قال ـ تعالى ـ : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ ، وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً) ...
وقال ـ سبحانه ـ : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ. وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ. وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ. لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ).
قال صاحب الكشاف : فإن قلت : هلا قيل : ولا تزر نفس وزر أخرى؟ قلت : لأن المعنى أن النفوس الوازرات لا ترى واحدة منهن إلا حاملة وزرها ، لا وزر غيرها.
فإن قلت : كيف توفق بين هذا ، وبين قوله : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ)؟
قلت : تلك الآية في الضالين المضلين ، وأنهم يحملون أثقال إضلالهم لغيرهم ، مع أثقالهم ، وذلك كله أوزارهم ، ما فيها شيء من وزر غيرهم.
فإن قلت : فما الفرق بين معنى (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) وبين معنى : (وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ) ..؟
قلت : الأول في الدلالة على عدل الله ـ تعالى ـ في حكمه ، وأنه ـ تعالى ـ لا يؤاخذ نفسا بغير ذنبها.
والثاني : في أنه لا غياث يومئذ لمن استغاث .. وإن كان المستغاث به بعض قرابتها من أب أو ولد أو أخ ...