وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ (٥٤) يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٥٥)
ومرادهم بالآيات في قوله ـ تعالى ـ : (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ) الآيات الكونية ، كعصا موسى ، وناقة صالح. ولو لا حرف تحضيض بمعنى هلا.
أى : وقال المبطلون للنبي صلىاللهعليهوسلم على سبيل التعنت والعناد ، هلا جئتنا يا محمد بمعجزات حسية كالتي جاء بها بعض الأنبياء من قبلك ، لكي نؤمن بك ونتبعك؟
وقوله : (قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ ، وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) إرشاد من الله ـ تعالى ـ لنبيه صلىاللهعليهوسلم إلى ما يرد به عليهم.
أى : قل ـ أيها الرسول الكريم ـ في ردك على هؤلاء الجاهلين ، إنما الآيات التي تريدونها عند الله ـ تعالى ـ وحده ، ينزلها حسب إرادته وحكمته ، أما أنا فإن وظيفتي الإنذار الواضح بسوء مصير من أعرض عن دعوتي ، وليس من وظيفتي أن أقترح على الله ـ تعالى ـ شيئا.
وقوله ـ سبحانه ـ : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ) .. كلام مستأنف من جهته ـ تعالى ـ لتوبيخهم على جهالاتهم ، والاستفهام للإنكار ، والواو للعطف على مقدر.
والمعنى : أقالوا ما قالوا من باطل وجهل ، ولم يكفهم أنا أنزلنا عليك هذا الكتاب الناطق بالحق ، يتلى على مسامعهم صباح مساء ، ويهديهم إلى ما فيه سعادتهم ، لو تدبروه وآمنوا به ، واتبعوا أوامره ونواهيه؟
والتعبير بقوله ـ سبحانه ـ : (يُتْلى عَلَيْهِمْ) ، يشير إلى أن هذه التلاوة متجددة عليهم ، وغير منقطعة عنهم ، وكان في إمكانهم أن ينتفعوا بها لو كانوا يعقلون.
ولذا ختم ـ سبحانه ـ الآية الكريمة بقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
أى : إن في ذلك الكتاب الذي أنزلناه عليك ـ أيها الرسول الكريم ـ ، والذي تتلوه عليهم صباح مساء ، لرحمة عظيمة ، وذكرى نافعة ، لقوم يؤمنون بالحق ، ويفتحون عقولهم للرشد ، لا للتعنت والجحود والعناد.