وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ (٢٦) وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (٢٧)
قالوا الإمام الرازي : لما بين ـ سبحانه ـ عظمته في الابتداء بقوله (ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى) ، وعظمته في الانتهاء ، بقوله : (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ) وأن الناس يتفرقون فريقين ، ويحكم ـ عزوجل ـ على البعض بأن هؤلاء للجنة ولا أبالى ، وهؤلاء للنار ولا أبالى ، بعد كل ذلك أمر بتنزيهه عن كل سوء ، وبحمده على كل حال ، فقال : (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ) (١).
والفاء في قوله : (فَسُبْحانَ) .. لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، ولفظ «سبحان» اسم مصدر ، منصوب بفعل محذوف. والتسبيح : تنزيه الله ـ ـ تعالى ـ : عن كل ما لا يليق بجلاله. والمعنى : إذا علمتم ما أخبرتكم به قبل ذلك ، فسبحوا الله ـ تعالى ـ ونزهوه عن كل نقص (حِينَ تُمْسُونَ) أى : حين تدخلون في وقت المساء ، (وَحِينَ تُصْبِحُونَ) أى : تدخلون في وقت الصباح.
وقوله ـ تعالى ـ : (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) جملة معترضة لبيان أن جميع الكائنات تحمده على نعمه ، وأن فوائد هذا الثناء تعود عليهم لا عليه ـ سبحانه ـ.
وقوله (وَعَشِيًّا) معطوف على (حِينَ تُمْسُونَ) أى : سبحوا الله ـ تعالى ـ : حين تمسون ، وحين تصبحون ، وحين يستركم الليل بظلامه. وحين تكونون في وقت الظهيرة ، فإنه ـ سبحانه ـ هو المستحق للحمد والثناء من أهل السموات ومن أهل الأرض ، ومن جميع المخلوقات.
قال ابن كثير : وعن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفي؟ لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى ، سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون.
وفي حديث آخر : «من قال حين يصبح : فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون .. أدرك ما فاته في يومه ، ومن قالها حين يمسي ، أدرك ما فاته في ليلته (٢)».
__________________
(١) تفسير الفخر الرازي ج ٦ ص ٥١٤.
(٢) تفسير ابن كثير ج ٦ ص ٣١٤.