أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨) بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ (٢٩) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٣٠) مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ)(٣٢)
و (مِنْ) في قوله ـ سبحانه ـ : (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ) ابتدائية ، والجار والمجرور في محل نصب ، صفة لقوله : (مَثَلاً).
أى : ضرب لكم ـ أيها الناس ـ مثلا ، يظهر منه بطلان الشرك ظهورا واضحا ، وهذا المثل كائن من أحوال أنفسكم ، التي هي أقرب شيء لديكم.
قال القرطبي : والآية نزلت في كفار قريش ، كانوا يقولون في التلبية : «لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك ..» (١).
وقوله ـ تعالى ـ : (هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ) تصوير وتفصيل للمثل ، والاستفهام للإنكار والنفي. و (مِنْ) الأولى للتبعيض ، والثانية لتأكيد النفي ، وقوله (شُرَكاءَ) مبتدأ ، وخبره (لَكُمْ) وقوله : (مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) متعلق بمحذوف حال من شركاء.
وقوله : (فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ) جواب للاستفهام الذي هو بمعنى النفي. والجملة مبتدأ
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ١٤ ص ٢٣.