شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ)(٤٠)
والخطاب في قوله ـ تعالى ـ : (فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) .. للنبي صلىاللهعليهوسلم ولكل من يصلح له من أمته. والفاء : لترتيب ما بعدها على ما قبلها.
والمعنى : إذا كان الأمر كما ذكرت لكم ، من أن بسط الأرزاق وقبضها بيدي وحدي ، فأعط ـ أيها الرسول الكريم ـ ذا القربى حقه من المودة والصلة والإحسان ، وليقتد بك في ذلك أصحابك وأتباعك.
وأعط ـ أيضا ـ (الْمِسْكِينَ) الذي لا يملك شيئا ذا قيمة ، حقه من الصدقة والبر ، وكذلك (ابْنَ السَّبِيلِ) وهو المسافر المنقطع عن ماله في سفره ، ولو كان غنيا في بلده.
وقدم ـ سبحانه ـ الأقارب ، لأن دفع حاجتهم واجب من الواجبات التي جعلها ـ سبحانه ـ للقريب على قريبه.
قال القرطبي : واختلف في هذه الآية ، فقيل : إنها منسوخة بآية المواريث. وقيل : لا نسخ ، بل للقريب حق لازم في البر على كل حال ، وهو الصحيح ، قال مجاهد وقتادة : صلة الرحم فرض من الله ـ عزوجل ـ ، حتى قال مجاهد : لا تقبل صدقة من أحد ورحمه محتاجة (١).
وقال الجمل في حاشيته : وعدم ذكر بقية الأصناف المستحقين للزكاة ، يدل على أن ذلك في صدقة التطوع ، وقد احتج أبو حنيفة ـ رحمهالله ـ بهذه الآية على وجوب نفقة المحارم ، والشافعى ـ رحمهالله ـ قاس سائر الأقارب ـ ما عدا الفروع والأصول ـ على ابن العم ، لأنه لا ولادة بينهم.
ثم قال : وهؤلاء الثلاثة يجب الإحسان إليهم وإن لم يكن للإنسان مال زائد ، لأن المقصود هنا : الشفقة العامة ، والفقير داخل في المسكين ..» (٢).
ثم بين ـ سبحانه ـ الآثار الطيبة المترتبة على هذا البر والعطاء فقال : (ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ).
__________________
(١) تفسير القرطبي ج ٤ ص ٣٥.
(٢) حاشية الجمل على الجلالين ج ٣ ص ٢٩٤.