الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ) [البقرة : ٢٥٨].
والثامن : أن يعلم أن الله لم يهمل القوم في شيء من الأزمنة دون أن يجعل لهم أدلة للحق يظفرون بها لو تأملوا ، ولا ألزم خلقه في زمان من الأزمان بشيء لو بحث عنه لا يوقف عليه ولا يتهيأ له ؛ ولذلك أظهر الحجج وآثار البينات ؛ ليعلم أنه جعل أوامره كلها تالية الأدلة والبراهين ؛ ليقطع بها عذر من تأبى نفسه القيام بها (١).
والتاسع : أن يعلم أنه لا أحد يقوم بالحجاج ولا ينطق بحسن البيان إلا بعطية الله وامتنانه عليه بما ينطق به لسانه ويوفقه للقيام به بقوله : (وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ) [الأنعام : ٨٣].
ثم العاشر : أن يكون بفضله ينال الدرجات في أمر دينه ، ويرتقي إلى منازل الفضل والشرف بمشيئته ؛ كما قال : (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ) ، وأنه متى شاء الرفع كان ، والله أعلم.
وقد قال بعض أصحاب الإمامة (٢) في تأويل الآية : زعم أنهم أخذوه من شرح على أن تأويل النجم : المأذون ، والقمر : اللاحق ، والشمس : الإمام ، بمعنى : أنه قال للمأذون : هذا ربي عنى به رب التربية رباه (٣) بالعلم (٤).
وقوله ـ عزوجل ـ : (فَلَمَّا أَفَلَ).
__________________
(١) في ب : به.
(٢) الإمامية أربع وعشرون فرقة كما في الملل والنحل ومقالات الإسلاميين وهم مجمعون على أن النبي صلىاللهعليهوسلم نص على استخلاف علي بن أبي طالب باسمه وأظهر ذلك وأعلنه وهم من الروافض لرفضهم إمامة سيدنا أبي بكر وعمر وفي شأنهم يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في كتاب منهاج السنة (١ / ١٥٩) : والنفاق والزندقة في الرافضة أكثر منه في سائر الطوائف ، بل لا بد لكل منهم من شعبة نفاق ، فإن أساس النفاق الذي بني عليه هو الكذب ، وأن يقول الرجل بلسانه ما ليس في قلبه كما أخبر الله تعالى عن المنافقين أنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ، والرافضة تجعل هذا من أصول دينها ، وتسميه «التقية» وتحكي هذا عن أئمة أهل البيت ـ برأهم الله تعالى عن ذلك! حتى يحكون عن جعفر الصادق أنه قال : التقية ديني ودين آبائي. وقد نزه الله المؤمنين من أهل البيت وغيرهم عن ذلك ، بل كانوا من أعظم الناس تصديقا وتحقيقا للإيمان ، وكان دينهم التقوى ، لا التقية ، وقول الله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً) [آل عمران : ٢٨] إنما هو الأمر بالاتقاء من الكفار ، لا الأمر بالنفاق والكذب. اه. وللكلام بقية في الرد عليهم. لا نرى الإطالة بذكرها هنا ، فارجع إليها إن شئت في الموضع الذي دللناك عليه. ينظر : مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين ص (٨٩).
(٣) زاد في ب : والله.
(٤) وهذا منهم غفلة وحمق ونعيذ أمير المؤمنين من هذه الخزعبلات التي لا تستند إلى صحيح أثر أو معقول. والله أعلم.