يستحيا منه» أو حياء أحدهما من الآخر ؛ لما بدت لكل واحد منهما عورة صاحبه ؛ ولهذا كره أبو حنيفة ـ رحمهالله ـ أن ينظر الرجل إلى فرج زوجته ، والمرأة إلى فرج زوجها.
أو لما وقع بصر كل واحد منهما على عورته ؛ فذلك يكره ـ أيضا ـ أن ينظر المرء إلى فرجه.
ألا ترى (١) أنه قال : (لِيُبْدِيَ لَهُما) ولم يقل : ليبديهما ؛ فهذا يدل على أنه لا ينبغي أن ينظر إلى فرج زوجته ، ولا الزوجة إلى فرجه.
وقوله ـ عزوجل ـ : (وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ ...) الآية.
يحتمل قوله : (وَناداهُما رَبُّهُما) وحيا أوحى إليهما على يدي ملك ؛ كقوله : (فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا) [التحريم : ١٢] أضاف إلى نفسه ؛ لما ينفخ فيه بأمره ؛ فعلى ذلك هذا.
أو إلهاما (٢) ؛ ألهمهما (٣) كقوله : (وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ) [القصص : ٧].
[وكقوله](٤) : (إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ ما يُوحى أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ) [طه : ٣٨ ـ ٣٩].
وكقوله (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) [النحل : ٦٨] ونحوه ؛ وإنما هو إلهام.
__________________
ـ وخلا الرجل بصاحبه وإليه ومعه ، خلوا وخلاء وخلوة : انفرد به واجتمع معه في خلوة ، وكذلك : خلا بزوجته خلوة.
والخلوة : الاسم ، والخلو : المنفرد ، وامرأة خالية ، ونساء خاليات : لا أزواج لهن ولا أولاد ، والتخلي : التفرغ ، يقال : تخلى للعبادة ، وهو «تفعّل» من الخلو.
ولا يخرج استعمال الفقهاء لهذا المصطلح عن معناه اللغوي.
ينظر : لسان العرب (خلو) ، المصباح المنير (خلو) ، والبدائع (٢ / ٢٩٣) ، والصاوي على الشرح الصغير (١ / ٣١٣) ، والمجموع (٤ / ١٥٥) وما بعدها ، شرح منتهى الإرادات (٣ / ٧) ، وشرح صحيح مسلم للنووي (٢ / ١٩٨).
(٦) في ب : وعلى هذا.
(١) في ب : يرى.
(٢) في أ : وألهمهما.
(٣) الإلهام لغة : مصدر ألهم ، يقال : ألهمه الله خيرا ، أي : لقنه إياه ، والإلهام : أن يلقي الله في النفس أمرا يبعث على الفعل أو الترك ، وهو نوع من الوحي يخص الله به من يشاء من عباده.
وعند الأصوليين : إيقاع شيء في القلب يطمئن له الصدر ، يخص به الله سبحانه بعض أصفيائه.
وقد عد الأصوليون الإلهام نوعا من أنواع الوحي إلى الأنبياء ، وفي كتاب التقرير والتحبير عن الإلهام من الله لرسوله : أنه إلقاء معنى في القلب بلا واسطة ، مقرون بخلق علم ضروري أن ذلك المعنى منه تعالى.
ينظر : لسان العرب (لهم) ، وشرح الكوكب المنير ص (٣٢٥) ، وشرح جمع الجوامع (٢ / ٣٣٩ ، ٣٤١) ، وكشاف اصطلاحات الفنون : باب اللام فصل الميم ، وجمع الجوامع (٢ / ٣٥٦).
(٤) سقط في ب.