ليس بمحال كما توهم لأجل لزوم التطويل بلا طائل مع الاتكال على القرائن ، والاجمال في المقام لو لا الاتكال عليها وكلاهما غير لائق بكلامه تعالى ـ جل شأنه ـ كما لا يخفى ، وذلك لعدم لزوم التطويل فيما كان الاتكال على حال أو مقال أتي به لغرض آخر ، ومنع كون الاجمال غير لائق بكلامه تعالى مع كونه مما يتعلق به الغرض ، وإلا لما وقع المشتبه في كلامه ، وقد اخبر في كتابه الكريم بوقوعه فيه قال الله تعالى : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ) (١).
______________________________________________________
وثانيا : نمنع كون الاجمال مخلا بالحكمة فان المتكلم كما يتعلق غرضه بالكلام الواضح المفهم المبين ربما يتعلق غرضه ـ احيانا ـ بالاجمال وجعل كلامه ذا احتمالات.
(١) وحاصل هذه الدعوى : هو المنع عن استعمال اللفظ المشترك في خصوص الكتاب الكريم ، لا عن أصل وقوعه وتحققه ، بل ربما يظهر من مدعيها القول : بوقوعه وتحققه ، لانه منع استعماله ، لا وقوعه ، لكنه لا يصح استعماله في القرآن لمانع مختص لخصوص استعماله به.
وملخص ما ذكر مانعا : هو أن القرآن هو المعجز في البلاغة فلا يعقل ان يكون فيه تطويل بلا طائل أو اختصار مخل ، واستعمال المشترك يلزم منه اما التطويل بلا طائل كما اذا استعمل اللفظ المشترك مع القرينة فان القرينة تطويل دعا اليه استعمال اللفظ المشترك ، فلو استعمل بدله لفظ غير مشترك لحصل الاستغناء عنها ، واما ان يلزم الاجمال والاختصار المخل وذلك إذا استعمل لفظ المشترك من دون الاتكال على القرينة.
وكلا الامرين يتنزه عنهما الكلام البليغ ، فضلا عن مثل الكتاب الكريم الذي هو في أعلى وأقصى مراتب البلاغة.