وهكذا الحال في قوله تعالى فلما جاء أمرنا يكون مصداقا للتعجب ، لا مستعملا في مفهومه ، وكذا في الحادثة والشأن (١). وبذلك ظهر ما في
______________________________________________________
بالمفهوم ، كما لو ادعى احد ان لفظ الميزان موضوع لذات الكفتين مع الاعتراف بانه موضوع اولا لكل ما يوزن به.
الثاني : ان يكون لفظ موضوعا لمعنى له مصداق ولذلك المصداق لفظ وضع له فيدعي مدع : ان هذا اللفظ الموضوع لذلك المصداق موضوع لذلك المفهوم الصادق عليه ، كما في المقام فان لفظ الغرض موضوع لما هو غرض بالحمل الاولي وله مصاديق ومن مصاديقه ما هو موضوع له لفظ الامر ، فادعى : ان لفظ الامر موضوع للغرض ، فلذا قال المصنف : ان الامر في قولهم : جاء لامر كذا ليس بموضوع لمفهوم الغرض ، بل هو موضوع للشأن ـ مثلا ـ أو للشيء وقد صار هذا الذي وضع له لفظ الامر مصداقا للغرض كما دل على ذلك اللام ، ووقوعه مصداقا للغرض بواسطة اللام سبب اشتباههم : بان مفهوم الغرض مما وضع له لفظ الامر ، والحال انه لم يوضع لمفهوم الغرض ولا لمصداق الغرض بما انه مصداق الغرض ، بل وضع له باعتبار كونه شأنا أو شيئا أو فعلا. وقوله : «فافهم» لعله اشارة الى ان المعروف في استعمال قولهم : انه من اشتباه المصداق بالمفهوم هو المعنى الاول.
(١) لا يخفى ان هذا من اشتباه المصداق بالمفهوم بالمعنى الاول ، فان لفظ الامر في قوله تعالى : (جاءَ أَمْرُنا)(١) لم يستعمل في الفعل العجيب ، بل استعمل في معناه وهو الفعل أو الشيء ، وهذا المستعمل فيه صار مصداقا لكونه فعلا عجيبا بسبب اضافته اليه تعالى وانه فعله ـ جل وعلا ـ بل يمكن ان يقال : انه لم يستعمل في المقام الّا بمعنى الطلب ايضا حيث ان الانتقام منهم صار قضاء الزاميا ، فناسب ان يستعمل فيه
__________________
(١) هود : الآية ٨٢.