والاستدلال بأن فعل المندوب طاعة ، وكل طاعة فهو فعل المأمور به ، فيه ما لا يخفى من منع الكبرى ، لو أريد من المأمور به معناه الحقيقي ، وإلا لا يفيد المدعى (١).
______________________________________________________
والجواب عنه : ما اشار اليه بقوله : «غير مفيد» وحاصله : قد مر مثل هذا الكلام في الجهة الاولى في دوران لفظ الامر بين كونه موضوعا لخصوص الطلب لا غير ، واستعماله في بقية المعاني التي ذكرت : من الشيء والفعل والغرض وغيرها يلزم منه اما الاشتراك اللفظي او المجازية وهما خلاف الاصل.
والجواب عنه اولا : لا صحة لهذه الاصول عند العقلاء.
وثانيا : انها معارضة بمثلها وقد مر تفصيل ذلك في تعارض الاحوال.
(١) وبيان هذا الاستدلال على كون الامر موضوعا للطلب المطلق الشامل للوجوب والندب بتقديم مقدمة له :
وهو ان نقول : ان صدق المشتق على المتحمل للمبدا الذي بسببه صدق المشتق عليه لا بد وان يكون تحمله للمبدا وانضمام المبدأ على نحو الحقيقة ، مثلا : اذا صدق الضارب على شخص صدقا حقيقيا فلا بد وان يكون ضاربا حقيقة والضرب منضما اليه حقيقة ، لا ان انضمام الضرب اليه على نحو المجازية ، فاذا تمت هذه المقدمة نقول : انهم استدلوا ـ على ما ادعوه : من كون الامر موضوعا للاعم ـ بهذا الشكل : وهو انه لا اشكال ان فعل المندوب طاعة ، وكل طاعة هي فعل المامور به ، فينتج ان فعل المندوب فعل المامور به ، فيصدق المامور به على فعل المندوب صدقا حقيقيا ، ولازم ذلك ان المبدأ وهو الأمر قد تحمله فعل المندوب وانضم اليه انضماما حقيقيا ، فيصدق على المندوب انه مامور به حقيقة ، ولازم ذلك كون الامر موضوعا لما يعم المندوب والّا لكان صدق المامور به عليه على نحو المجاز دون الحقيقة.
والجواب عنه : منع الكبرى تارة لان قولهم كل طاعة لا بد وان يصدق عليها لفظ المامور به صدقا حقيقيا ليست بمسلمة فكلية الكبرى ممنوعة ، لانه لا نسلم ان فعل