جزءين ـ لو لا اعتبار الدلالة في البين ـ انما يلزم اذا لم يكن الموضوع نفس شخصه ، وإلّا كان اجزاؤها الثلاثة تامة ، وكان المحمول فيها منتسبا الى شخص اللفظ ونفسه ، غاية الامر انه نفس الموضوع لا الحاكي عنه ، فافهم ، فانه لا يخلو عن دقة (١). وعلى هذا ليس من باب استعمال اللفظ
______________________________________________________
ويمكن ان يقال : ان حيثية الصدور ان لم يقصد بها الحكاية عن كونه مرادا فدلالتها على كونه مرادا دلالة عقلية ، لا دلالة حكائية ، والمقصود الدلالة الحكائية ، وإلّا فكل فعل صادر من فاعل تدل حيثية صدوره على كونه مرادا لفاعله ، إلّا ان هذه الدلالة عقلية ، كدلالة كل معلول على علته ، وان قصد الحكاية لزم كون كل شيء واحد منظورا بالنظر الآلي والاستقلالي ، وهو محال ، فانه لا شبهة ان المعنى والمدلول منظور اليه بالنظر الاستقلالي فحيثية كونه مرادا بما انها هي المدلول لا بد وان تكون منظورة بالنظر الاستقلالي ، وحيث ان حيثية الصدور معلولة ومتفرعة من الحيثية المرادية وقد فرض في المقام : ان قصد الحكاية حيثية الصدور ، فلا بد وان تكون مرادة ايضا بنحو الآلية. فلزم ان تكون المرادية في المقام منظورة بنحو الاستقلال ، لان المفروض انها هي المعنى والمدلول ومنظورة بالنظر الآلي لأنها هي العلة لحيثية الصدور المفروض قصد الالية والحكاية بها ، فاجتمع النظر الآلي والاستقلالي في واحد.
(١) حاصله : اختيار الشق الثاني ، وهو : أنه نختار ان لا حكاية في البين ولا يلزم تركب القضية المعقولة من جزءين.
وبيانه : ان الاصل في صحة حمل محمول على الموضوع هو تحمل الموضوع لمبدأ المحمول ، فتارة يكون مبدأ المحمول من ذاتيات الموضوع ، واخرى لا يكون من ذاتياته. ففيما لم يكن مبدأ المحمول من ذاتيات الموضوع فلا بد من قصد الحكاية ، ككون زيد قائما فان قيامه ليس من ذاتياته ، واما اذا كان مبدأ المحمول من ذاتيات الموضوع ، كاللفظية فانها من ذاتيات اللفظ ، فبمجرد سماع لفظ زيد يخطر في الذهن ولفظيته