ان قلت : على هذا يلزم أن لا يكون هناك دلالة عند الخطأ والقطع بما ليس بمراد ، او الاعتقاد بارادة شيء ولم يكن له من اللفظ مراد (١).
قلت : نعم ، لا يكون حينئذ دلالة ، بل يكون هناك جهالة وضلالة يحسبها الجاهل دلالة.
ولعمري! ما أفاده العلمان من التبعية على ما بيناه واضح لا محيص عنه ، ولا يكاد ينقضي تعجبي كيف رضي المتوهم ان يجعل كلامهما ناظرا
______________________________________________________
والدلالة التصديقية تتفرع عليها تفرع مقام الاثبات على مقام الثبوت ، وتفرع الكشف على الواقع المكشوف ، فانه حيث لا ثبوت لا اثبات ، وحيث لا مكشوف لا كشف. وقد عرفت ـ في الامر الرابع : أن الدلالة التصديقية من جملة ما تتوقف عليه ارادة المتكلم لايجاد المعنى باللفظ.
(١) حاصل المراد بهذا الايراد : انه لو كانت الدلالة التصديقية تتوقف على وجود الارادة للزم ان لا تتحقق في مقامين :
الاول : فيما اذا قطع السامع : بان المتكلم اراد معنى وكان السامع قد أخطأ ، لان المتكلم كان مريدا لمعنى آخر غير المعنى الذي قطع به السامع ان المتكلم اراده ، فانه يلزم ان لا يكون في مثل هذا دلالة.
الثاني : فيما اذا اعتقد السامع ان المتكلم اراد معنى من اللفظ ، ولكن المتكلم لم يرد بتكلمه باللفظ ارادة ايجاد معنى به ، بل كان غرضه صرف التكلم بنفس اللفظ وهذا هو معنى كلامه في قوله : «أو الاعتقاد بارادة شيء ولم يكن له من اللفظ مراد» : أي لم يكن للمتكلم ارادة معنى من اللفظ ، فان عدم التحقق في هذين المقامين انما يلزم لو كانت الدلالة التصديقية تابعة ومتفرعة على وجود الارادة ، واما اذا كانت تابعة لاحراز السامع ارادة المتكلم وان لم تكن في الواقع موجودة ففي المقامين تكون دلالة لغرض الاحراز.