الحقيقة ، وان كان موجبا لاختصاص الاطراد كذلك بالحقيقة ، الّا انه حينئذ لا يكون علامة لها الّا على وجه دائر ، ولا يتأتي التفصي عن الدور بما ذكر في التبادر هنا ، ضرورة انه مع العلم بكون الاستعمال على نحو الحقيقة لا يبقى مجال لاستعلام حال الاستعمال بالاطراد ، أو بغيره (١).
______________________________________________________
والمصنف يشير الى جوابه ، وحاصله : ان علامة المشابهة للاسد غير مطردة النوع ، فان كثيرا ما يشابه الاسد غيره من افراد الانسان ، او افراد غير الانسان من انواع الحيوان ، كالانسان المشابه للاسد في بخره او لبده او حمرة عينيه لا يحسن ، بل لا يصح اطلاق الاسد عليه.
نعم ، بملاحظة خصوص الشجاعة فاطلاق الاسد مطرد على كل فرد شابهه في الشجاعة ، ولذا قال (قدسسره) : «والّا فبملاحظة خصوص ما يصح معه الاستعمال فالمجاز مطرد كالحقيقة».
ولكن مع ذلك يمكن ان يخدش في كون الاطراد علامة الحقيقة : انه ربما يشك في كون الاسد موضوعا للحيوان المفترس ، او لمفهوم الشجاع ، ولو كان موضوعا لمفهوم الشجاع لم يكن مطردا في غير امثال زيد من افراد الانسان الجبان ، فلا يكون عدم الاطراد علامة لان يكون استعمال الاسد في زيد مجازا ، لاحتمال كونه موضوعا لمفهوم الرجل الشجاع ، ولذا لا يطرد في غير زيد من افراد الرجل الجبان.
(١) ربما زاد بعضهم في جعل الاطراد علامة الحقيقة ، ولعل الفرق بين غير تأويل ، وعلى وجه الحقيقة : هو أن الاول اشارة الى المجاز على رأي السكاكي ، والثاني اشارة الى المجاز في الكلمة ، والظاهر انه لا فرق بينهما ، لانه في كل مجاز تأويل ، وكل مجاز ليس على نحو الحقيقة ، ولو كان على وجه الحقيقة حقيقة لما احتاج الى الادعاء.
وعلى كل حال فزيادة هذا القيد غير صحيحة ، لانه يلزم منها الدور ، لانه بعد معرفة ان الاستعمال على وجه الحقيقة لا داعي الى العلامة ، ومع عدم العلم بانه