[م / ٩٦] وأيضا روى أبو جعفر الصدوق بالإسناد إلى محمّد بن موسى بن نصر الرازي عن أبيه قال : سئل الرضا عليهالسلام عن قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم». فقال : هذا صحيح ، يريد من لم يغيّر بعده ولم يبدّل (١).
وقد مرّ حديث الإمام أمير المؤمنين في الوصيّة بشأن الأصحاب ممّن لم يحدثوا حدثا بعد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم يؤووا محدثا (٢).
كما عرفت من الإمام أمير المؤمنين تعداد النبلاء من الأصحاب نماذج لمن سار على منهجهم في اتّباع سبيل الرشاد.
[م / ٩٧] فقد روى أبو جعفر الصدوق بالإسناد إلى أحمد بن محمّد بن إسحاق الطالقاني ، قال : حدّثني أبي قال : حلف رجل بخراسان بالطلاق أنّ معاوية ليس من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أيّام كان الرضا عليهالسلام بها. فأفتى الفقهاء بطلاقها. فسئل الرضا عليهالسلام فأفتى أنّها لم تطلّق. فكتب الفقهاء رقعة وأنفذوها إليه وقالوا له : من أين قلت يا ابن رسول الله : إنّها لم تطلّق؟ فوقّع عليهالسلام في رقعتهم : «قلت هذا من روايتكم عن أبي سعيد الخدري : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال لمسلمة يوم الفتح وقد كثروا عليه : أنتم خير ، وأصحابي خير ، ولا هجرة بعد الفتح. فأبطل الهجرة ولم يجعل هؤلاء أصحابا له. قال : فرجعوا إلى قوله» (٣).
وهذا من أجمل التلميح إلى وجه خروج أمثال معاوية ـ ممّن أحدثوا وآووا المحدثين ـ من زمرة الصحابة الأجلّاء ، نظرا لأنّ إحداثهم وبدعهم في الدين وكذا مشيتهم على خلاف سنّة الرسول الكريم ، يكشف عن ثباتهم على الجاهليّة الأولى ولمّا يتمكّن الإيمان من قلوبهم ، وإنّما أرغموا بالإسلام لا عن طوع.
فرفض عليهالسلام أن يكون مثل معاوية صحابيّا بمعناه الفخيم! (٤)
هذا كلّه بالنسبة إلى دراية الصحابي وعلمه وفهمه لمباني الدين.
__________________
(١) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٩٣ / ٣٣ ، باب ٣٢.
(٢) رواه الشيخ الطوسي في أماليه : ٥٢٣ / ١١٥٧ ـ ٦٤ ، المجلس ١٨.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ٩٣ / ٣٤ ، باب ٣٢.
(٤) فقد أخذهم الإمام عليهالسلام على طريقة الجدل بالتي هي أحسن ، إقناعا لهم بما اعتنقوه.