ذكره علماء الأصول. قال : الذي استقرّ عليه النظر اليوم في المسألة ، أنّ الخبر إذا كان متواترا أو محفوفا بقرينة قطعيّة ، فهو حجّة. وأمّا غير ذلك فلا حجّيّة فيه ، ما سوى الأخبار الواردة بشأن الأحكام الشرعيّة الفرعيّة ، إذا كان الخبر موثوق الصدور ... قال : وذلك أنّ الحجّيّة الشرعيّة (التعبّديّة) من الاعتبارات العقلائيّة ، فتتبع وجود أثر شرعيّ في المورد ليقبل الجعل والاعتبار الشرعيّ. أمّا القضايا التاريخيّة والأمور الاعتقاديّة ، فلا معنى لجعل الحجّيّة فيها ، لعدم أثر شرعيّ. قال ولا معنى لحكم الشارع بكون غير العلم علما وإلزام المكلّفين بالتعبّد به (١).
وهذا الذي نفاه أخيرا ، قد أثبته سيّدنا الأستاذ الخوئي ومن قبله شيخه المحقّق النائيني وغيرهما من أعلام الأصوليين.
أمّا المحقّق النائيني فإنّه يرى من تفسير الحجّيّة في باب الأمارات هو : اعتبار كاشفيّتها ، وجعلها دلائل علميّة ، حسب اعتبار العقلاء عرفيّا ، وليس تعبّديّا محضا. إنّه ـ قدّس سره ـ يرى في باب الطرق والأمارات ، أنّ المجعول (الذي تعلّق به الاعتبار والحجّيّة) هو نفس الكاشفيّة والوسطيّة في الإثبات ، فالمجعول هي الطريقيّة التامّة أي تتميم الكشف. حسب مصطلحهم (٢).
وهكذا جاء في تقريرات سيدنا الأستاذ لمحاضرات شيخه النائيني حرفا بحرف (٣).
قال سيّدنا الأستاذ عند كلامه عن أصول التفسير وتبيين مواضع أئمّة الدين من التفسير : «لا شبهة في ثبوت قولهم عليهمالسلام إذا دلّ عليه طريق قطعيّ لا شكّ فيه. وهل يثبت بطريق ظنّي دلّ على اعتباره دليل قطعي؟ فيه كلام بين الأعلام :
وقد يشكل في حجّية خبر الواحد الثقة إذا ورد عن المعصومين عليهمالسلام في تفسير الكتاب ، ووجه الإشكال في ذلك : أنّ معنى الحجّيّة ، التي ثبتت للخبر الواحد أو لغيره من الأدلّة الظنيّة ، هو وجوب ترتيب الآثار عليه عملا ، وهذا المعنى لا يتحقّق إلّا إذا كان مؤدّى الخبر حكما شرعيّا أو موضوعا لحكم شرعيّ ، وهذا المعنى مفقود في رواية التفسير.
قال : وهذا الإشكال خلاف التحقيق ، فإنّا قد أوضحنا في مباحث الأصول : أنّ معنى الحجّيّة
__________________
(١) راجع : الميزان ١٠ : ٣٦٥ ـ ٣٦٦. و ٣ : ٨٧ ـ ٨٨ و ٦ : ٥٩ و ١٢ : ٢٧٨ وكتابه «قرآن در اسلام» : ٧٠.
(٢) راجع : فوائد الأصول المحقّق الكاظمي ، تقريرا لمباحث المحقّق النائيني ٣ : ١٨٠ ـ ١٨١.
(٣) أجود التقريرات ٢ : ١٠٥.