العلم به ، والمفروض حصول العلم ـ ولو عن تعبّد شرعيّ ـ كما نبّهنا! (١)
وهذا الذي ذكره سيّدنا الأستاذ ـ طاب ثراه ـ في غاية الدقّة والإتقان ، غير أنّ هنا التفاتة يجدر التنبّه لها ، وتعود إلى جانب قوله بالتعبّد في حجيّة الأمارات ، كما جاء في كلام سائر المشايخ العظام من اعتبارهم حجّية الخبر الواحد من باب التعبّد به شرعيّا.
ولنتسائل : هل هناك تعبّد ـ في منح هذه الحجّية لخبر الثقة العدل ـ أم هي مرافقة مع العرف العامّ (أعراف العقلاء)؟
والذي يبدو لنا : أنّ حجّية الخبر الواحد (الجامع لشرائط الاعتبار) لم تكن مستندة إلى دليل تعبّدي (بأن تعبّدنا الشارع به) وإنّما هي سيرة عقلائيّة مشى عليها عرفهم العامّ وجرى معهم الشارع الحكيم في مرافقة رشيدة! فلا تعبّد هناك ـ إطلاقا ـ كي يلتمس ترتّب أثر عمليّ عليه أو يكون الشارع استهدفه تكليفيّا! وإنّما هي مسايرة مع أعراف العقلاء في مناهجهم لتنظيم الحياة العامّة ، وكان إخبار الثقة الضابط هو أحد أسباب العلم عندهم. فأمضاه الشارع وواكبهم في هذا المنهج الحكيم. وما ورد من آيات وروايات بشأن اعتبار خبر الثقة الأمين ، إنّما هي شواهد على هذا الإمضاء والموافقة ، ففي الحقيقة إنّه إرشاد إلى ذلك الاعتبار العامّ ، وليس. مجرّد تكليف بالتعبّد محضا.
__________________
(١) راجع : مصباح الأصول ٢ : ٢٣٨ ـ ٢٣٩ (مبحث حجّية الظنّ في الاعتقاديّات).