والميم ، والراء ، والكاف ، والهاء ، والياء ، والعين ، والسين ، والحاء ، والنون. ومن حروف (القلقلة) نصفها : القاف ، والطاء (١).
ثمّ إذا استقريت الكلم وتراكيبها رأيت الحروف التي ألغى الله ذكرها من هذه الأجناس المعدودة مكثورة بالمذكورة منها ، فسبحان الذي دقّت في كلّ شيء حكمته.
قال : وقد علمت أنّ معظم الشيء وجلّه ينزّل منزلة كلّه ، وهو المطابق للطائف التنزيل واختصاراته. فكأنّ الله عزّ اسمه عدّد على العرب الألفاظ التي منها تراكيب كلامهم ، إشارة إلى ما ذكرت ، من التبكيت لهم وإلزام الحجّة إيّاهم.
قال : وقد اختلفت أعداد هذه الحروف ، فوردت (ص ، ق ، ن) حرفا واحدا. و (طه ، طس ، يس ، حم) على حرفين. و (الم ، الر ، طسم) على ثلاثة أحرف. و (المص ، المر) على أربعة أحرف. و (كهيعص ، حمعسق) على خمسة أحرف. كلّ ذلك على عادة افتنان العرب في أساليب كلامهم وتصرّفهم فيه على طرق شتّى ومذاهب متنوّعة ، ولم تتجاوز أبنية كلماتهم على ذلك (٢).
قيل : إنما جاءت الحروف المقطعة على نصف حروف المعجم تنبيها على أنّ من زعم أنّ القرآن ليس بآية فليأخذ الشطر الباقي ويركّب عليه ألفاظا ليعارض بها القرآن. نقله الزركشي عن القاضي أبي بكر. ثمّ قال : وهذه الأحرف تختلف من حيث مواضعها ، فلم تقع الكاف والنون إلّا مرّة واحدة ، والعين والياء والهاء والقاف مرّتين ، والصاد ثلاث مرّات ، والطاء أربعا ، والسين خمسا ، والراء ستّا ، والحاء سبعا ، والألف واللام ثلاث عشرة ، والميم سبع عشرة.
قال الإمام بدر الدين الزركشي : وقد جمع هذه الأحرف الأربع عشرة قولك : «نصّ حكيم قاطع له سرّ». قلت : وهكذا قولك : «صراط عليّ حقّ نمسكه»!
قال : وتأمّل السور المفتتحة بحرف واحد ، فإنّ أكثر كلماتها مبنية على ذلك ، كالقاف في سورة «ق» ، ففيها ذكر الخلق ، وتكرار القول ، والقرب ، والتلقّي ، والرقيب ، والسابق ، والقرين ، والالقاء ،
__________________
(١) بقي عليه حروف (الصفير) وهي ثلاثة : السين ، والصاد ، والزاي. فذكر منها اثنان : السين ، والصاد. لأنّ النصف ـ في العادة ـ في العدد الفرد يجب تكميل كسره. وكذلك من حروف (اللينة) اثنان : الألف ، والياء ، كذلك. و (المكرّر) وهو الراء. و (الهاوي) وهو الألف. و (المنحرف) وهو اللام ، وقد ذكرها.
وأمّا حروف (الذلاقة والمصمتة) قال أحمد : فالصحيح أن لا يعدّا صنفين ، حتّى أنّ الزمخشري في (المفصّل : ٣٩٥) أبعد في تمييزهما. (هامش الكشاف ١ : ٢٩).
(٢) الكشاف ١ : ٢٩ ـ ٣١ مع اختزال.