العنكبوت. الروم. لقمان. السجدة) وسبع سور (حم :) (غافر. فصّلت. الشورى. الزخرف. الدخان. الجاثية. الأحقاف ـ عرفت بالحواميم) وخمس سور (الر) : (يونس. هود. يوسف. إبراهيم. الحجر) وسورتين (طسم) : (الشعراء. القصص) وهو من الاشتراك في التسمية لغير ما مبرّر.
هذا فضلا عن كون التسمية ـ هنا ـ توقيفيّة ، ولم يرد بذلك نصّ من مهبط الوحي. وللزمخشري ـ نفسه ـ ردّ لطيف على هذا القول ، يأتي عند استعراض الوجه التالي.
الوجه الثاني ـ الذي ذكره الزمخشري ـ أن يكون ورود هذه الأسماء هكذا ، مسرودة على نمط التعديد (١) كالإيقاظ وقرع العصا ، لمن تحدّي بالقرآن وبغرابة نظمه ، وكالتحريك للنظر في أنّ هذا المتلوّ عليهم ـ وقد عجزوا عنه عن آخرهم ـ كلام منظوم من عين ما ينظمون منه كلامهم ، ليؤدّيهم النظر إلى أن يستيقنوا : أن لم تتساقط مقدرتهم دونه ، ولم تظهر معجزتهم (٢) عن أن يأتوا بمثله بعد المراجعات المتطاولة ـ وهم أمراء الكلام وزعماء الحوار ، وهم الحرّاص على التساجل (٣) في اقتضاب الخطب ، والمتهالكون على الافتنان في القصيد والرجز ـ ولم يبلغ من الجزالة وحسن النظم ، المبالغ التي بزّت بلاغة كلّ ناطق (٤) وشقّت غبار كلّ سابق ، ولم يتجاوز الحدّ الخارج عن قوى الفصحاء ، ولم يقع وراء مطامح أعين البصراء ، إلّا لأنّه ليس بكلام البشر ، وأنّه كلام خالق القوى والقدر.
ثمّ أخذ في ترجيح هذا القول على الوجه الأوّل ، قال : وهذا القول من القوّة والخلاقة بالقبول (٥) بمنزل ، ولناصره على الأوّل أن يقول : إنّ القرآن إنّما نزل بلسان العرب ، مصبوبا في أساليبهم واستعمالاتهم والعرب لم تتجاوز فيما سمّوا به مجموع اسمين ، ولم يسمّ أحد منهم بمجموع ثلاثة أسماء وأربعة وخمسة. والقول بأنّها أسماء السور حقيقة ، يخرج إلى ما ليس في لغة العرب ويؤدّي أيضا إلى صيرورة الاسم والمسمّى واحدا. وعقّبه باعتراضات وأجوبة لا تخلو من طرافة (٦).
قلت : ولله درّه في نعته هذا الجميل لجانب إعجاز القرآن الكريم وهو كما قال الإمام أحمد بن
__________________
(١) التعديد والمعادّة : المناهدة وهي المناهضة في الحرب والمناضلة.
(٢) المعجزة ـ بفتح الميم والجيم ـ وبكسر الجيم أيضا ـ مصدر ، في مقابل المقدرة ـ مثلّث الدال ـ.
(٣) الحرّاص ـ بضمّ الحاء وتشديد الراء : جمع حريص. والتساجل : التفاخر. واقتضاب الكلام : ارتجاله.
(٤) أي غلبت وسلبت مقدرة الخصم.
(٥) الخلاقة : الجدارة واللياقة.
(٦) الكشاف ١ : ٢٧ ـ ٢٨.