وغير متّصل فقراءة (مالِكِ). إلّا رجل واحد فرواه «ملك» (١).
كما سمعت كلام الإمام أحمد بن حنبل ـ فيما نقله عنه أبو داوود (٢) ـ : إنّها قراءة السلف.
وهذا ـ بقول مطلق ـ يعني : أنّ القراءة بالألف قراءتهم أجمع ، النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه الأعلام.
وقد صرّح ابن شهاب : أنّ أوّل من أحدث قراءة «ملك» هو مروان بن الحكم. ولعلّه بهذه النسبة قصد الامتهان بشأن قراءة شذّت وخالفت قراءة السلف (٣).
ولقد تعصّب ابن كثير لمروان قائلا : مروان ، عنده علم بصحّة ما قرأوه ولم يطّلع عليه ابن شهاب (٤). ولكن أين مروان ومعرفته باصول القراءات؟! ولم تثبت قراءة «ملك» عمّن سبقه من كبار الأصحاب المعروفين!
قال أبو بكر محمّد بن السري المعروف بابن السرّاج : ولعلّ القائل بذلك أراد : أوّل من قرأ في ذلك العصر أو من في ضربه (٥). أي لم يعهد من غيره ذلك العهد إلّا من كان على زنته وشاكلته (٦) بالنسبة إلى كبار السلف المرموقين.
ومن ثمّ فمن الغريب ما ذكره بعضهم ـ على ما نقله ابن السرّاج ـ : أنّ الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بقراءته : «ملك يوم الدين» أصحّ إسنادا من الخبر بقراءة (مالِكِ)(٧).
إذ قد استفاض الخبر ـ إن لم يكن متواترا ـ عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالقراءة بالألف ، وجرى عليها كبار أصحابه وعامّة المسلمين مشافهة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم يدا بيد ، كما عرفت. ولم يثبت عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم خبر أنّه قرأ بغير ألف ، إلّا قول قيل مجهولا ، كما سبق في كلام السجستاني : «إلّا رجل واحد» ولم يعرف! (٨).
وقد ذكر أبو محمّد مكّي :
[١ / ١٠٢] أنّ أبا هريرة روى أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقرأ : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بألف.
__________________
(١) المصاحف : ٩٢.
(٢) قال أبو داوود : سمعت أحمد يقول : القراءة القديمة مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ. أبو داوود ٢ : ٢٤٨ / ٤٠٠١.
(٣) قال أبو علي الفارسي : واحتجّ من كره قراءة «ملك» بأنّ أوّل من قرأها مروان. الحجّة في القراءات ١ : ٧ ـ ٨.
(٤) ابن كثير ١ : ٢٦.
(٥) الحجّة في القراءات ١ : ١١.
(٦) وقد ذكر أبو محمد مكّي فيمن قرأ «ملك» بغير ألف ، أبا الدرداء وعبد الله بن عمر ومروان بن الحكم ... الكشف عن وجوه القراءات ١ : ٢٧. وسيأتي أنّ نسبة ذلك إلى غير مروان من سائر الأصحاب ، وهم توهّمه أبو حيّان وتبعه آخرون.
(٧) الحجّة في القراءات ١ : ٧.
(٨) المصاحف : ٩٢.